نشطاء: مليشيا المالكي اعتدت على متظاهري بغداد

15 اغسطس 2015
المالكي أكبر المتضررين من التظاهرات (getty)
+ الخط -
تفاجأ المتظاهرون العراقيون القادمون إلى ساحة التحرير وسط بغداد، مساء أمس الجمعة، بتغييرات لم تكن في الحسبان، تمثلت في تحديد مكان التظاهر بشكل أكبر، وتسييجه بالأسلاك الشائكة، مع زيادة كبيرة في أعداد القوات الأمنية. 

وبرغم وجود تخوف من حصول اعتداءات على المتظاهرين؛ حيث حذرت جهات "مليشياوية"، قبل أيام، بنزولها إلى ساحة التحرير لـ"المشاركة في التظاهر"، وإطلاقها تحذيرات مبطنة عبر عناصرها، بين الصحافيين، لكن المتظاهرين كانوا مصرّين على القدوم والثبات.

وطبقاً لما كشفه متظاهرون لـ"العربي الجديد"، لم يكن ضرب مكان التظاهر بأسلاك شائكة الشيء المفاجئ الوحيد، بل قدوم عدد غير قليل من عناصر المليشيات إلى الساحة، كانوا يحملون "أسلحة بيضاء"، واعتدوا على المتظاهرين.

وقال علي جميل، أحد المشاركين في المظاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن "أقرب مسافة لمكان التظاهر يمكن الوصول إليها بالسيارات، تبعد نحو كيلومتر واحد، حيث يتم قطع الطرق للحفاظ على أمن وسلامة المتظاهرين، وهذا أمر حسن، وعلى المتظاهرين قطع ما تبقى من المسافة سيراً على الأقدام".

لكن، والحديث لـ"جميل"، تفاجأ الجميع بدخول باصات داخل مكان التظاهر، لافتاً إلى أن "الباصات لم تكن تحمل أرقاماً مرورية، ما يعني أنها تتبع جهات حكومية أو مليشياوية، ونزل منها شباب يحملون في أحزمتهم سكاكين ومقصات ومفكات".

اقرأ أيضا: مقتدى الصدر يدعو إلى تظاهرات مليونية

إعلاميون من ساحة التحرير كانوا على تواصل مع "العربي الجديد"، عبر "الفيسبوك"، يوم أمس الجمعة، أكدوا ساعتها أن عناصر المليشيات الذين حضروا إلى الساحة ينتمون إلى مليشيات "عصائب أهل الحق" و"حزب الله" و"الخرساني"- جميع هذه الأحزاب تتمتع بسلطة قوية داخل العراق ومدربة من قبل الحرس الثوري الإيراني- لوجود أشخاص معروفين داخل هذه المليشيات.

وأكد الإعلاميون أنهم ممنوعون من تغطية التظاهرة، خلافاً للتظاهرات التي سبقتها؛ كونهم يمثلون وسائل إعلامية تراها الجهات الأمنية "غير مرغوب فيها"، بينها قنوات كردية ومحلية وعربية، لكنهم اضطروا إلى تصوير المظاهرة عبر أجهزة الآيفون، وكاميرات الفوتو، بحسب قولهم، مشيرين إلى أن القنوات التي سمح لها بالتصوير "موالية للحكومة، وأخرى تابعة لأحزاب السلطة".

الغاية من منع التصوير وتغطية الحدث لجميع القنوات هو "التستر على الانتهاكات التي كان مقرراً أن تقع" يقول الإعلامي عدنان البياتي، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنه "بالفعل وقعت انتهاكات واعتداءات، لوقت قليل، لكنها كانت كافية لدبّ الرعب بين المتظاهرين"، لافتاً إلى أن بث الإنترنت قُطع عن مكان التظاهرة لأكثر من ساعة، وهو الوقت الذي وقعت فيه الاعتداءات، بحسب تأكيده.

عدد من الانتهاكات وثقها متظاهرون عبر مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية، نشرت على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في أحدها ظهر شاب وقد دُمي وجهه من ضربٍ مبرحٍ، قال إن "رجال الأمن المسؤولين عن مكافحة الشغب هم من ضربوه"، ما يشير إلى أن انتهاكات أخرى سجلت بحق المسؤولين عن حماية المكان، وهو ما أكده نصر عمران، الناشط المدني، في حديث لـ"العربي الجديد".

اقرأ أيضا: المليشيات تفض تظاهرات بغداد والعبادي يحذّر من تسييسها 

وقال عمران: "بعض العناصر الأمنية كانوا يسمعوننا كلاماً بذيئاً وتهديدات، لم نسمعها في المرات السابقة"، مستطرداً بالقول "هؤلاء لم يتحركوا ساعة وقوع اعتداء من قبل المليشيات علينا. أنا وثلاثة من أصدقائي ضُربنا بآلات حديدية على ظهورنا ورؤوسنا، ولم نكن قادرين على صد ذلك الاعتداء، وكل ذلك وقع أمام مرأى ومسمع العناصر الأمنية الذين كانوا يقفون كالسياج بدون حراك".

الإعلامي والناشط المدني المعروف علي السومري، كتب على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك" تحت عنوان "هكذا تم الاعتداء علينا"، قائلاً "اليوم ومنذ الصباح الباكر تم احتلال ساحة التحرير، مكاننا الذي نقف عليه أمام نصب الحرية سوّروه بالأشرطة، تقبلنا الأمر لأننا نؤمن بأن الساحة للجميع، شريطة أن تكون المطالب والهتافات ضد المفسدين".

وتابع أنه وأصدقاءه اتخذوا مكاناً غير الذي اعتادوا الوقوف فيه، خاصة أنهم ناشطون مدنيون ويعطون زخماً معنوياً قوياً للمتظاهرين بالهتافات والخطب؛ بعد أن احتُل مكانهم من قبل أشخاص لم يذكر هويتهم.

وأضاف: "بدأنا بهتافاتنا ضد فساد القضاء، ولتحقيق العدالة الاجتماعية. ولم يمض نصف ساعة حتى صعد من خلفنا شباب بعصابات خضراء (على الرؤوس)، يرتدون المرقط (زيّ معروف للمليشيات)، صورونا واحداً واحداً، ثم تكاثروا".

اقرأ أيضا: المالكي إلى طهران هرباً من العبادي..وسيبقى زعيماً لمليشيا "الحشد"

وواصل قائلاً: "حاول أحدهم الصعود من الجهة التي تقف فيها النساء، فمنعناه. رمونا بقناني الماء، حتى صعد العشرات منهم علينا، بعضهم بعصيّ، إضافة إلى أصحابهم من خلفنا، وحاولوا الاعتداء على النساء ودفعهن من فوق إلى تحت النفق، فوقفنا أمامهم، وحدث ما حدث من صدام وعراك بالأيدي والأرجل، لم ننهه إلا بعد أن أنزلنا جميع النساء".

وأكد السومري أن هؤلاء الأشخاص كانوا "يهتفون بأسماء الزعماء... وتعرضت النساء لهجمات بالمقصات".

جميع من اتصل بهم "العربي الجديد" أكدوا أن المعتدين يتبعون مليشيات، وبدا ذلك من هتافهم باسم الزعماء الدينيين، والخروج عن الهتافات الرسمية للتظاهرة الداعية إلى المطالبة بالحقوق المدنية الأساسية، ومحاسبة المفسدين، مؤكدين كذلك أن ما حصل كان "باتفاق مع السلطات الأمنية"، وهو ما أشار إليه الصحافي والناشط المدني أحمد عبدالحسين، أحد قادة التظاهرة، حين كتب عقب التظاهرة في "الفيسبوك" عددا من النقاط، موضحاً ما آلت إليه التظاهرة.

وكشف عبدالحسين، أن "بلطجية المالكي (نوري المالكي رئيس الوزراء السابق)" قاموا بالاعتداء، وأنهم "كانوا يحملون سكاكين وعصياً ومقصات. شاهدت السكاكين بعيني"، مضيفاً أن نائباً برلمانياً اتصل بأحد زملائه وأخبره بأن "هناك 400 رجل من جماعة (ملتقى البشائر) التابعة للمالكي بأسلحة بيضاء في الساحة"، مشيراً إلى أن هؤلاء لم يُفتشوا كما هو الحال مع بقية المتظاهرين، وأنهم اعتدوا على أشخاص بعينهم ولم يعتدوا على كل المتظاهرين".

مقربون من قيادات في المليشيات كشفوا لـ"العربي الجديد" أن أسماء معينة لقادة التظاهرات والمؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، مع معلومات كاملة عنهم، جمعتها استخبارات تابعة للمليشيات. ولم يستبعد هؤلاء المقربون حصول تصفيات جسدية، عادّين الاعتداء في تظاهرات الجمعة، تهديداً واضحاً ومباشراً لهؤلاء الأشخاص الذين وصلتهم الرسالة، وفق تأكيدهم.

اقرأ أيضا: إصلاحات العبادي تواجه تراكم سنوات من المشاكل

المساهمون