حكومة الكاظمي أمام البرلمان العراقي بلا ضمانات

04 مايو 2020
إفشال الجلسة قد يؤجج غضب الشارع (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
وجّه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، ليل السبت - الأحد، رسالةً داخلية إلى أعضاء البرلمان، دعاهم فيها إلى التوجّه للعاصمة بغداد في موعدٍ أقصاه اليوم الاثنين، وذلك استعداداً لعقد جلسة التصويت على حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي. وطالب الحلبوسي، الخطوط الجوية العراقية بتهيئة رحلاتٍ من مطارات أربيل والسليمانية والبصرة لهذا الغرض. وجاءت الدعوة على الرغم من استمرار الخلافات على بعض الوزارات في حكومة الكاظمي، إذ أشهرت كتلٌ سياسية عدة اعتراضاتٍ على بعض المرشحين لتسلم حقائب وزارية، مطالبة بتغييرهم، وسط استمرار المفاوضات بين رئيس الوزراء المكلف والكتل في هذا الشأن، ما يضع جلسة البرلمان المرتقبة أمام سيناريوهات عدة. وأكدت مصادر سياسية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن دعوة رئيس البرلمان النواب للحضور إلى العاصمة، تأتي استعداداً لعقد جلسة التصويت على تشكيلة الكاظمي الحكومية، والتي قد تتم نهاية الأسبوع الحالي، إذ لم يتبقَ على المهلة الدستورية الممنوحة للأخير من أجل تشكيل حكومته سوى ستة أيام، تنتهي في التاسع من شهر مايو/أيار الحالي (يوم السبت المقبل).

ومساء أمس الأحد، نقلت وكالة الانباء العراقية (واع) عن النائب الثاني لرئيس البرلمان، بشير حداد، قوله إن "الكاظمي أرسل البرنامج الحكومي، ونتوقع أن يرسل أسماء التشكيلة الوزارية خلال الأيام المقبلة، ليتم إثر ذلك تحديد موعد عقد الجلسة الخاصة بمنح الثقة". وكشف حداد أن "جلسة منح الثقة ستكون في قاعة المؤتمرات، وذلك لكبر حجمها، وستكون هناك مسافة بين نائب وآخر للوقاية الصحية (بسبب فيروس كورونا)، كما أن جميع الإجراءات الصحية والوقائية سيتم اتباعها أثناء جلسة التصويت، التي من الممكن أن تكون نهاية الأسبوع الحالي".

ويشدد نواب وسياسيون عراقيون، على أنه لا توجد ضمانات حتى الآن على منح الثقة لحكومة الكاظمي، في حال عقدت الجلسة الاستثنائية للتصويت على التشكيلة الجديدة. وقال عضو في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، إن الأسماء التي رفضت في حكومة الكاظمي تتعلق بمرشحي وزارات الخارجية والداخلية والتربية والنقل والتخطيط، ويتصدر تيار الرفض والإملاءات كل من تحالف "الفتح" وائتلاف "دولة القانون".



بدوره، أكد عضوٌ بارز في البرلمان عن تحالف "الفتح"، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات بين القوى السياسية ورئيس الوزراء المكلف لا تزال قائمة، ولم تصل إلى مرحلة الاتفاق النهائي، بسبب بعض الحقائب الوزارية، ومرشحي هذه الحقائب". وأشار المصدر إلى أن تحالفي "الفتح" و"دولة القانون"، يعترضان على مرشحي بعض الحقائب الوزارية، وقد طالبا الكاظمي باستبدالهم بآخرين، ما دفع قوى سياسية أخرى للاعتراض على مرشحين أيضاً، لافتاً إلى أن الكاظمي لا يزال يصر على التشكيلة الوزارية التي قدمها بنسختها الأخيرة، لا سيما أنها مرّت على هيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة والقيد الجنائي، ما يعني أنها باتت مستوفية من الناحية القانونية. وبحسب المصدر، فإن رئيس الحكومة المكلف يسعى الآن لحلّ الخلافات، والتي لا تتمحور حول شخصه، أو برنامجه الحكومي، بل حول بعض الأسماء المرشحة للتوزير.

من جهته، أعلن ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، أمس، أنه لن يصوت لصالح حكومة الكاظمي، مضيفاً في بيان نقلته وسائل إعلام عراقية أنه "خلال المفاوضات، تم الاتفاق على آليات لاختيار مرشحي الحكومة الجديدة على أن يتعاطى رئيس الوزراء المكلف مع جميع الكتل السياسية وفق نهج واحد، لكن مسار تشكيل الحكومة بدأ يأخذ منحى مغايراً لما تم الاتفاق عليه". وأضاف البيان أنه "مع شديد الأسف، لم تكلل جهودنا في تصحيح هذا المسار، فجاءت التشكيلة الحكومية تتعارض مع تطلعات أبناء الشعب العراقي، وعلى هذا الأساس يعلن ائتلاف دولة القانون أنه لم يشارك في تشكيل هذه الحكومة ولن يصوت لصالحها في مجلس النواب".

وحول الخلافات الحاصلة، قال سعد المطلبي، القيادي في ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "لا اتفاق حتى الساعة على التشكيلة الوزارية للكاظمي، بل هناك اعتراضات سياسية على بعض الأسماء المرشحة لشغل وزارات"، معتبراً أن عرض هذه التشكيلة بوضعها الحالي، من دون إجراء تعديلات جوهرية عليها، سيكون من شأنه أن يضعف حظوظ تمريرها في البرلمان، مؤكداً "رفض قوى برلمانية لها ثقلها للتشكيلة بشكلها الحالي". وبرأي المطلبي، فإن حظوظ الكاظمي بالحصول على ثقة البرلمان لا تزال غير قوية، كما لا توجد أي ضمانات سياسية على منحه الثقة في حال عقدت الجلسة، خصوصاً أن نواباً قد لا يصوتون له، حتى لو اتفق قادة الكتل على تمرير الحكومة.

بدوره، أكد النائب عن تحالف "الفتح" كريم المحمداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "استمرار الخلافات على التشكيلة الوزارية ومرشحيها"، كما استبعد تمريرها من دون التعديل عليها، من خلال تبديل أسماء مرشحين "عليهم شبهات". وأضاف المحمداوي أنه "لا يمكن التأكيد أن حكومة الكاظمي سوف تحظى بالثقة في حال عقد جلسة التصويت، فهناك تغييرات ربما تحصل في الدقائق الأخيرة، خصوصاً أن هذه الدقائق ستكون الحاسمة للمواقف السياسية بشكل قطعي، فكل شيء وارد، أي التمرير من عدمه، وإمكانية إفشال الجلسة بكسر النصاب". واعتبر النائب عن تحالف "الفتح"، أن "نجاح عقد جلسة التصويت يعتمد على التشكيلة الوزارية التي سيقدمها الكاظمي، وما إذا كانت مقنعة للنواب".

ونتيجة لهذه التطورات، رأى عضوٌ في تحالف "النصر" الذي يتزعمه حيدر العبادي، طالباً عدم ذكر اسمه، أن الاحتمال الأكبر هو تمرير الحكومة منقوصة، موضحاً في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن التشكيلة قد تمرر لكن برفض التصويت على بعض الوزارات في حال استمر الخلاف، بمعنى أن التصويت لن يكون على حكومة الكاظمي بسلّة واحدة، بل سيجري على وزير تلو آخر، بعد إقرار البرنامج الحكومي. ويطرح هذا السيناريو فرضية مرور وزراء وإخفاق آخرين، في تكرار لتجربة حكومة حيدر العبادي في عام 2014، عندما تمّ رفض مرشحي وزارات عدة حينها، وتولى الأخير إدارتها بشكل مؤقت، إلى حين الاتفاق سياسياً على أسماء جديدة وتقديمها للبرلمان في جلسة لاحقة، حيث جرى التصويت عليها. وتحدث المصدر عن وجود ما وصفها بـ"رغبة غير معلنة لكتل عدة، بعدم مرور الكاظمي والإبقاء على الوضع الحالي، لكن هذه الكتل تخفي ذلك لعلمها المسبق بردة فعل الشارع على خطوة كهذه".

وأخيراً، جزم النائب العراقي المستقل باسم خشان، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك قوى سياسية ستعمل على إفشال جلسة التصويت من خلال مقاطعة بعض نوابها للجلسة"، معتبراً أن "هذه القوى تريد إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه". وبحسب رأيه، فإن "هذه القوى السياسية هي من تقود الحكومة الحالية، خصوصاً مع عدم وجود رقابة عليها، فهي ترغب بالاستمرار في السرقات والصفقات"، متحدثاً عن "عمليات فساد كبيرة وخطيرة ارتكبت خلال حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي". وختم بالقول إنه "لا يمكن لأي جهة سياسية، ضمان أو تأكيد، أن الحكومة الجديدة ستحصل على ثقة البرلمان، فهو أمر تحسمه صفقات الدقائق الأخيرة التي تعقد داخل البرلمان".

دلالات