الموصل: طيران "التحالف" ينهي قطيعته لمحاور "الحشد الشعبي"

01 ديسمبر 2016
مليشيات "الحشد" تتقدم بمناطق جنوب تلعفر(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل القوات العراقية المشتركة لليوم الـ47 عملياتها العسكرية لتحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بمشاركة ودعم واسع لقوات "التحالف الدولي". وقد قصفت مقاتلات "التحالف" أمس الأربعاء، للمرة الأولى أهدافاً في المحور الغربي الذي تشرف على عملياته مليشيات "الحشد الشعبي"، وهو ما اعتبر تطوراً جديداً بعد أيام من إقرار البرلمان العراقي قانوناً شرّع فيه عمل تلك المليشيات. وشهدت المحاور الجنوبية، والجنوبية الشرقية، والشرقية، تسارع وتيرة العمليات العسكرية بإسناد جوي غير مسبوق من طيران "التحالف الدولي". كما شهدت المناطق الجنوبية والشمالية عمليات قصف مكثف تمهيداً لانطلاق عمليات عسكرية وشيكة.

وفي المحور الشرقي، أعلن قائد العمليات الخاصة بجهاز مكافحة الإرهاب، اللواء معن السعدي، إن القوات التابعة لهذا الجهاز "تمكنت من تحرير حي الزهور وسط الجانب الأيسر لمدينة الموصل بعد اشتباكات عنيفة خاضتها مع عناصر داعش في المنطقة". وقال لـ"العربي الجديد" إن بعض الوحدات التابعة للجهاز قامت "بتطهير الحي من العبوات الناسفة"، فيما تكفلت وحدات أخرى "بإكمال السيطرة على حي البكر والقضاء على آخر جيوب داعش" هناك. وأضاف أن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب تقوم كذلك بالمرابطة على مشارف حيي النور والأعلام استعداداً لاقتحامهما والاقتراب أكثر نحو إحكام السيطرة على أغلب أحياء الجانب الأيسر من مدينة الموصل"، مبيناً أن القوات العراقية المشتركة "ستنتقل من حي القادسية الثانية باتجاه السيطرة على حي القادسية الأولى".

وفي المحور الجنوبي الشرقي، تواصل قطعات الفرقة التاسعة المدرعة التابعة للجيش العراقي خوض العمليات العسكرية التي تهدف للسيطرة على الأحياء الجنوبية الشرقية لمدينة الموصل، وصولاً للسيطرة على منطقة الجسر الرابع الواقع على ضفاف نهر دجلة والالتقاء مع بقية قطعات القوات الأمنية العراقية في بقية المحاور. وقال قائد عمليات نينوى، اللواء الركن، نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد" إن القوات المشتركة "تمكنت من السيطرة على حي جديدة المفتي والتقدم لتحرير ما تبقى من حي يونس السبعاوي الواقع جنوب شرق مدينة الموصل". وذكر ضابط رفيع في الجيش يدعى محمد حسن، لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك جرت (أمس) الأربعاء بوتيرة أسرع من الأيام التي سبقتها بسبب الضربات الجوية، فضلاً عن بدء استخدام صواريخ ليزرية ذكية ضد الأشخاص"، وهو ما يمنح القوات المهاجمة "تفوقاً في مجريات القتال داخل شوارع الموصل الشرقية"، وفق تأكيد حسن. وأضاف أن "التنظيم لا يزال يتحرك من خلال شبكة أنفاق حفرها مسبقاً وهذا تحدٍّ يجعل الجندي بحالة قلق دائمة من أي هجوم مباغت للتنظيم حتى في الأحياء التي تم تحريرها مسبقاً". وأكد أن المعركة محسومة النتائج، وأنها ستكون لصالح القوات العراقية المشتركة، في النهاية، لكنه عزا التأخير الحاصل في حسمها إلى وجود المدنيين، وما يطرحه ذلك من حالة إنسانية تفرض نفسها على القوات المهاجمة، على حد تعبيره.

وأعلنت خلية الإعلام الحربي في بيان لها أن "قطعات الفرقة التاسعة واللواء الثالث التابع للفرقة الأولى تمكنوا من الدخول إلى الساحل الأيسر لمدينة الموصل والتوغل داخل أحياء الانتصار وجديدة المفتي والسلام ويونس السبعاوي وفلسطين"، لافتةً إلى أن قوات الجيش "مستمرة بتطهير الطرق والمباني من العبوات الناسفة التي زرعها عناصر داعش".


يشار إلى أن قائد عمليات نينوى، الفريق عبد الأمير يارالله، أعلن عن فتح قوات الجيش العراقي لمحور جديد في المعارك التي تهدف للسيطرة على الجانب الأيسر لمدينة الموصل. وقال في تصريحات صحافية "إن قطعات الجيش العراقي تمكنت من تحرير قرية القصر الواقعة في محور الزاب شرق نهر دجلة بعد تمكنها من تحرير 31 قرية في محور الزاب". وأوضح أنه "نظراً لأهمية هذه المنطقة واحتوائها على العديد من القرى والنواحي والطرقات مثل ناحية النمرود، فقد قررت قوات الجيش فتح جبهة جديدة في هذه المنطقة تهدف لتحرير مناطق شرق نهر دجلة وصولاً إلى مشارف مدينة الموصل".

وفي المحور الجنوبي الذي تتولاه قوات الشرطة الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية العراقية، تواصل هذه القوات عمليات التمشيط التي تهدف إلى تطهير المناطق التي سيطرت عليها في مناطق جنوب الموصل، مثل الشورة وحمام العليل، وذلك بحسب مصدر أمني. ومن جهة ثانية، أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية، في بيان لها، أن قواتها "شنت عمليات قصف مكثف بالمدفعية والراجمات استهدف منطقة البو سيف" جنوب مدينة الموصل، مشيرة إلى أن "عمليات القصف تأتي تمهيداً لعملية عسكرية برية ستشنها قوات الشرطة الاتحادية للسيطرة على المنطقة ومن ثم محاصرة منطقة مطار الموصل الواقع جنوب المدينة". كما ذكرت الشرطة أن قواتها صادرت "كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي عثرت عليها في منازل كان يستخدمها تنظيم داعش كمقرات له في جنوب الموصل".

وفي المحور الغربي الذي تشن فيه مليشيات "الحشد الشعبي" عمليات عسكرية مكثفة تهدف للسيطرة على مناطق غرب الموصل وصولاً إلى السيطرة على مدينة تلعفر (60 كيلومتراً غرب الموصل)، علمت "العربي الجديد" من مصادر عسكرية رفيعة في نينوى، وأخرى حكومية في بغداد، أن طيران "التحالف الدولي" شن ست غارات على المحور الغربي الذي تسيطر عليه المليشيات، استهدفت مواقع التنظيم لأول مرة داخل تلعفر وفي محيطها.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الغارات الدولية في المحور الغربي تمت خلال معارك المليشيات مع "داعش"، إلا أنها لم توضح ما إذا كان القصف قد استهدف مواقع "تنظيم الدولة" البعيدة عن نقاط الاشتباك، أم تحصيناته في محاور القتال، أم أنها استهدفت خطوط "داعش" ورجحت بالتالي كفة مليشيات "الحشد" عليها. وبحسب المصادر ذاتها فإن ذلك يعني إنهاء قطيعة "التحالف الدولي" للمحور الغربي الذي تشرف عليه مليشيات "الحشد" في حربها ضد تنظيم "داعش".

وفي السياق، أعلنت خلية الإعلام الحربي أن "قوات الحشد نجحت ببلوغ مشارف ناحية تل عبطة جنوب تلعفر ضمن المرحلة الخامسة من عمليات غرب الموصل لاستكمال عزل وتطويق ناحية تل عبطة الاستراتيجية". وأشارت في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخه منه، إلى أن "قوات الحشد تمكنت خلال اليومين الماضيين من السيطرة على قرى تل فارس الشمالي وتركمانية الجنوبية"، ذاكرةً أن "إجمالي المساحة التي سيطرت عليها قوات الحشد الشعبي بلغت مسافة 270 كيلومتراً مربعا حتى الآن".

وفي المحور الشمالي، تتولى قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان عمليات السيطرة على مناطق شمال الموصل إضافة لقوات مشاة "الفرقة 16"، التابعة للجيش العراقي. وأكد مسؤولون في الجيش أن العمليات اقتصرت أمس الأربعاء، على القصف الجوي لـ"التحالف الدولي" وعمليات تطهير المناطق من الألغام وكذلك المنازل والأسواق في مناطق بعشيقة وبحزاني وجنوب سنجار، دون أي تحرك عسكري نحو بلدة تلكيف التي لا تزال تحت سيطرة داعش".

إلى ذلك، تقوم مليشيات "الحشد الشعبي" حالياً بإنشاء طريق بري يربط مدينة القيارة جنوب الموصل بمناطق غرب المدينة، وصولاً إلى تلعفر، إضافة إلى قيام المئات من الحفارات التابعة لهذه المليشيات ببناء ساتر ترابي بطول 90 كيلومترا لعزل مناطق غرب الموصل. وعاينت "العربي الجديد" الميدان ولاحظت وجود مئات الحفارات والآليات الإنشائية الأخرى على أحد مدارج مطار تلعفر العسكري، استعداداً لقيام "الحشد" بتأهيل مرافق مطار تلعفر العسكري لاستخدامها مركزاً للعمليات العسكرية التي تنوي المليشيات شنّها مستقبلاً لتطهير المناطق الغربية من مدينة الموصل، وذلك بحسب تصريح قائد اللواء الرابع في مليشيات "بدر"، أبو ناصر التميمي. يشار إلى أن مليشيات "الحشد" كانت قد فرضت سيطرتها قبل أيام على مطار تلعفر، واتخذت منه مركزاً لشن عمليات قصف مدفعي مركز على أحياء المدينة بالتزامن مع غارات لـ"التحالف الدولي"، ما إدى إلى مقتل وجرح مئات المدنيين من سكان مدينة تلعفر.