اغتيال سليماني... ترامب جازف بعملية لطالما تجنّبها أسلافه

04 يناير 2020
بوش وأوباما تساءلا عن جدوى اغتيال سليماني (فرانس برس)
+ الخط -
نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الجمعة، عملية اختار الرؤساء الأميركيون السابقون تجنّبها، وهي القضاء على الشخصية الرئيسية للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط التي كانت تعرقل السياسة الأميركية في المنطقة، قاسم سليماني.
وكان أسلاف ترامب يخشون من أن يتسبب اغتيال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري والمكلف بالعمليات الخارجية لإيران، بحرب جديدة في المنطقة فيما توجد القوات الأميركية على الأرض في كل من أفغانستان والعراق، لكن بعد مناوشات دامت ثلاث سنوات مع الفصائل الموالية لإيران في المنطقة والتي بلغت ذروتها هذا الأسبوع مع هجوم على السفارة الأميركية في بغداد، اختار ترامب المجازفة.
وقال رئيس أركان الجيش الأميركي مارك ميلي، الجمعة، إنه إذا لم يتمّ استهداف سليماني "كنا سنُتهم بالإهمال".
ونفذ الجيش الأميركي الضربة "بعملية محددة بواسطة طائرة مسيّرة" قرب مطار بغداد.
وأضاف ميلي أنه "كانت في حوزة الولايات المتحدة معلومات مؤكدة مفادها أن سليماني كان يخطط لأعمال عنف أكبر بكثير". 

وأوضح أنّ "خطر عدم التحرك كان أكبر من خطر التحرك"، ولم يكشف أي تفصيل عن الهجمات التي كان يخطط لها سليماني، لكن مسؤولاً كبيراً في وزارة الدفاع أعلن أنه تمّ تسريع العملية من باب الصدفة. وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، إن سليماني "وصل إلى المطار وسنحت لنا الفرصة"، وتابع "استغللنا الفرصة استناداً إلى أوامر الرئيس".

هل الغاية تبرر الوسيلة؟

وحذّر عدد من النواب والخبراء الأميركيين من أن ما حصل ساهم في تصعيد التوتر مع إيران وقد يدفع بالبلدين إلى حرب مفتوحة.
واعتبر الباحث ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن قتل سليماني كان قراراً خطيراً. وأوضح أن "العملية جعلت منه أكبر قائد عسكري أجنبي تقتله الولايات المتحدة منذ إسقاط الطائرة التي كانت تقلّ الأميرال إيسوروكو ياماموتو في 1943"، في إشارة إلى الياباني الذي خطّط لهجوم بيرل هاربور في ديسمبر/ كانون الأولى 1941.
وذكرت النائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين، وهي محللة سابقة في مكتب التحقيقات الفدرالي (سي آي إيه) وخبيرة في الفصائل الشيعية عملت في وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" خلال إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما، أن هذين الرئيسين (بوش وأوباما) تساءلا عن جدوى اغتيال سليماني.
وغرّدت على موقع "تويتر": "سؤال واحد منع رئيسين أميركيين أحدهما ديمقراطي والآخر جمهوري من تصفية سليماني"، وهو "هل تستحق غارة جوية عمليات الرد عليها واحتمال زجّنا في نزاع؟".
وقالت "خلصت الإدارتان اللتان عملت لحسابهما إلى أن الغاية لا تبرر الوسيلة، لكن إدارة ترامب قامت بحسابات أخرى".

وأكد نيد برايس الذي كان مستشاراً أيضاً لأوباما لـ"فرانس برس" أن "إدارة أوباما لم تقلل يوماً من أهمية دور سليماني، وخصوصاً نفوذه الذي يمتد أبعد من الشرق الأوسط"، وتابع "نفوذه يمتد أيضاً إلى الغرب"، موضحاً أن فيلق القدس قادر على التحرك في أوروبا وأميركا الجنوبية والولايات المتحدة، حيث اتُهم في 2011 بمحاولة اغتيال السفير السعودي.

واتخذ ترامب موقفاً مغايراً لسلفه من خلال الانسحاب في عام 2018 من الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي الذي تفاوض بشأنه أوباما، واختار ممارسة "أقصى ضغوط" على نظام طهران من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة.
وردّت طهران بمحاولة وقف الملاحة البحرية في الخليج من خلال إسقاط طائرة مسيرة أميركية فوق مضيق هرمز وقصف منشآت نفطية في السعودية.
وعادت سياسة ترامب بالفائدة خصوصاً على الأشخاص الأكثر تشدّداً في النظام الإيراني مثل سليماني، بحسب ما يقول جيل بارندولار من مركز "ديفنس برايوريتيز" للأبحاث لـ"فرانس برس". ويضيف "ساهم ذلك في زيادة نفوذه في إيران".
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية ويل فالتون أنه في الماضي كان خطر قتل سليماني يعتبر مرتفعاً جداً. لكنه يضيف "اتسعت رقعة مهامه ونفوذه، وقررت إدارة ترامب أن نفوذ سليماني وقدرته على تحريك الأحداث في المنطقة تحوّلا الى تهديد خطير جداً يجب معالجته".

(فرانس برس)
المساهمون