غليان شعبي في البصرة: بغداد تعزز قوات الأمن والعشائر تهدد

10 يوليو 2018
يغلب الطابع العشائري على محافظة البصرة(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد محافظة البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد) توتراً أمنياً ملحوظاً، على خلفية مقتل وإصابة متظاهرين على أيدي عناصر أمن، الأحد الماضي، خلال احتجاجات شهدتها البصرة إثر انقطاع الكهرباء والماء وارتفاع معدلات البطالة في المحافظة المطلة على الخليج العربي.

وفي الوقت الذي يستعد تحالف قبلي من عشائر البصرة للتظاهر مرة أخرى في مناطق عدة من المحافظة خلال الساعات المقبلة، بما في ذلك قطع الطرق الرئيسية المتجهة نحو موانئ تصدر النفط على مياه الخليج، أكد ضابط في شرطة البصرة أن القوات العراقية كثفت انتشارها في عدد من مدن وأحياء المحافظة، على خلفية التظاهرات المتكررة التي لم تنقطع منذ أمس الأول الأحد، والتهديدات التي أطلقتها بعض العشائر تجاه قوات الجيش والشرطة، المتهمة بقتل وإصابة محتجين.

وقال المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش والشرطة والتشكيلات الأمنية الأخرى استنفرت عناصرها للحيلولة دون حدوث خروقات أمنية مفاجئة، لافتاً إلى أن شرطة البصرة تلقت إنذاراً من بعض العشائر تطالبها بتسليم عناصر أمن متهمين بالاعتداء على متظاهرين، وأن هذه العشائر لوحت باللجوء إلى خيار الشارع في حال عدم الاستجابة لمطالبها.

إلى ذلك، دعا شيخ عشيرة بني منصور، محمد أبو الهيل، السلطات المحلية والقوات العراقية في البصرة، إلى تسليم المتورطين بقتل أحد أبناء العشيرة خلال تظاهرة الأحد، وآمر القوة الأمنية التي أوعزت بإطلاق النار على المتظاهرين، وبخلاف ذلك "فسيتم اللجوء إلى إجراءات تصعيدية"، مبيناً في حديث صحافي، أن التظاهرة التي تعرضت لإطلاق نار من قبل القوات العراقية "كانت سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة".

في السياق، قال أحد وجهاء عشيرة قتيل تظاهرة البصرة، ويدعى عبد الحسين المنصوري، إن مشاعر الغضب داخل عشيرته وصلت إلى مراحل خطيرة، محذراً في حديث لـ"العربي الجديد"، من احتمال انفلات الأمور وخروجها عن السيطرة إذا لم يتم تلافي الموقف.

وأشار إلى أن التظاهرات ستتواصل، والمواقف ستتصاعد لحين استجابة سلطات البصرة لمطالب عشيرة بني منصور، المتمثلة بتسليم المتورطين بإطلاق النار على المتظاهرين، للاقتصاص منهم عشائرياً، مبيناً أن الجميع يعلم بأن البصرة محافظة ذات طابع عشائري، وأن أي استفزاز لقبائلها سيؤدي إلى تعطيل الحياة وشلّ عمل المؤسسات فيها.

وكان قائد عمليات البصرة، الفريق الركن جميل الشمري، قد اتهم، أمس الإثنين، مجموعة من المسلحين الذين يحملون أسلحة متوسطة وخفيفة بقطع الطريق المؤدية إلى مواقع الشركات النفطية في منطقة الباهلة، شمالي البصرة، مبيناً أن المسلحين منعوا الموظفين من الوصول إلى أماكن عملهم في هذه الشركات، متحدثاً عن فشل قوة أمنية وصلت إلى المنطقة في فتح الطريق.

يشار إلى أن محافظ البصرة أسعد العيداني كان قد دعا، أمس، إلى ضرورة الإسراع في تسليم المتورط بقتل متظاهر، وفي حال تعذرت معرفته، يجب تحديد المشتبه فيهم للتحقيق معهم، كما وصلت إلى المحافظة لجنة تحقيق بأمر من وزير الداخلية قاسم الأعرجي.

ولم يقتصر التوتر في البصرة على النزاع بين عشيرة المقتول والقوات الأمنية، بل امتد ليشمل عشائر أخرى.

ورأى شيخ قبيلة بني مالك، ضرغام صباح المالكي، أن العراق لم يعد دولة بالمعنى الحقيقي، بل تحول إلى مجموعة من المافيات والأحزاب التي تتحكم بثرواته وتبيع سيادته بأبخس الأثمان، لذا لا بد لنا من تنظيم أمورنا من أجل الحفاظ على وجودنا، وإلا صرنا نهباً للمافيات والعصابات المحلية والدولية، منتقداً في بيان، قيام القوات العراقية بإطلاق النار على المتظاهرين العزل الذين خرجوا للمطالبة بالخدمات.

واعتبر ضرغام صباح المالكي أن حادثة إطلاق النار على شاب من بني منصور وإخوته هي "رسالة واضحة من حكام هذا البلد يحذرون فيها أي شخص يرفع صوته للمطالبة بحقه"، مضيفاً أن البلاد أمام مرحلة جديدة من القمع والاستبداد، وأن هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه.


من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين علي البدري، أن ما يحدث في البصرة يعد مؤشراً واضحاً على اندلاع صراع الدولة مع العشائر، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن إصرار العشائر على استلام شخص ارتكب جريمة يمثل سابقة، إن تمت، فان الدولة ومؤسساتها ستكون خاضعة لأعراف العشائر.

وقال إنه "رغم مطالبة الجميع بمحاكمة المتورطين بإطلاق النار على متظاهري البصرة، إلا أن إقحام العشيرة في هذه المسألة سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان".