وكشف مصدر دبلوماسي سوداني، اطلع على مجريات المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل مقترح أميركي أعده خبراء مياه ومسؤولون متخصصون في مجال المياه وإدارة الأنهار العابرة للحدود، طرح "حلاً وسطاً"، على حد تعبير المصدر، بشأن نقطة الخلاف الجوهرية المتعلقة بحجم المياه التي يتم تصريفها من السد خلال عملية ملء الخزان. وقال إن "الجانب الأميركي اقترح تصريف 37 مليار متر مكعب، وكانت مصر قد تمسكت في وقت سابق بضرورة تصريف 40 مليار متر مكعب، في حين تمسكت أديس بتصريف 35 مليار متر مكعب فقط من النيل الأزرق".
وأوضح المصدر أن الجانب الأميركي اقترح على الجانب المصري التخلي عن البند الخاص ضمن المقترح الذي قدّمته القاهرة خلال اللقاءات الفنية المتعلق بألا يقل حجم المياه التي يتم تصريفها من السد بشكل دائم عن 40 مليار متر مكعب، على أن تكون تلك الكمية حداً أدنى وليست ثابتة، بحيث تزيد في حال زيادة معدل الفيضان، وألا يتم تخزين الكمية الزائدة في خزان السد. وبحسب المصدر، اعترضت أديس أبابا خلال الاجتماعات الفنية على الرؤية المصرية، مبررة ذلك أنه في حال تبنيها سيتم تشغيل السد خلال فترة قد تصل إلى 21 عاماً، وهو ما يتعارض مع أي منطق.
الدبلوماسي السوداني أكد أن الخرطوم أبدت ترحيباً بالمقترح الأميركي الذي طرح في اجتماع واشنطن الأخير، لافتاً إلى أن الاجتماع المقبل، الذي تم التوافق على أن يكون نهاية يناير/كانون الثاني الحالي، من المقرر أن يحسم مصير المقترح الأميركي، مشيراً إلى أنه في حال عدم التوافق بشأنه سيتم التوجّه مباشرة إلى مسار الوساطة الدولية، وفقاً للبند 10 ضمن اتفاق المبادئ الموقع في مارس/آذار 2015. وأشار المصدر إلى أن الجانب الأميركي انتزع موافقة مبدئية مصرية على المقترح الخاص بتصريف 37 مليار متر مكعب من المياه، على أن تكون كمية ثابتة طوال فترة التخزين، على أن تسهم كل من الولايات المتحدة والبنك الدولي بتقديم محفزات اقتصادية لمصر، تساعدها على توفير بدائل لتعويض تلك الكميات.
من جهته، قال مصدر مصري فني اطلع على مفاوضات السد، لـ"العربي الجديد"، إن "المقترح الأميركي مثّل ما كانت تسعى له إثيوبيا طوال فترة المفاوضات، إذ تشبّثت برفض المقترح المصري الخاص بتصريف 40 مليار متر مكعب من المياه، واشترطت 35 مليار متر مكعب فقط، إلى حين الوصول لتلك النقطة، وحتى إذا تم اقتراح 37 مليار متر مكعب من الجانب الأميركي تبدو كأنها أبدت مرونة وقدمت تسهيلات لإنجاح المفاوضات". وقال المصدر إن الموافقة النهائية من قِبل المفاوض المصري ستتوقف على حجم الحوافز التي ستقدّمها واشنطن وكذلك البنك الدولي، موضحاً "إذا تم إقرار المقترح الأميركي فسيكون ذلك بمثابة تراجع كبير في موقف القاهرة التي قدمت تصوُّراً يقضي بعدم تحديد عدد سنوات لملء خزان السد، على أن تكون عملية الملء مرتبطة بهيدرولوجيا النهر، ومعدل الفيضان والجفاف الممتد، وفي هذه الحال تكون إثيوبيا قد تمكنت من القفز فوق المقترح المصري".
وعقب اجتماعات واشنطن، أكد وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي، أن بلاده ستبدأ ملء السد نهاية هذا العام، مشدداً على أن أديس أبابا متمسكة بموقفها ولن تتنازل عن أي من حقوقها في مياه النيل. وقال، في تصريحات نقلتها الوكالة الإثيوبية الرسمية، إنه سيتم الانتهاء من ملء سد النهضة في غضون فترة من 4 إلى 7 سنوات.