اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" جماعة "أنصار الله" الحوثيين، الذين يسيطرون خصوصا على العاصمة اليمنية صنعاء، باحتجاز رهائن وارتكاب "انتهاكات خطيرة" بحق محتجزين لديهم، بما في ذلك التعذيب.
وقالت المنظمة غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، في بيان الثلاثاء، إنها "وثّقت 16 حالة احتجز فيها الحوثيون أشخاصا بطريقة غير قانونية، غالبا لإجبار أقاربهم على دفع المال أو لمبادلتهم مع محتجزين لدى قوات معادية".
وأضافت أن "معاملة المسؤولين الحوثيين للمحتجزين قاسية، ووصلت في العديد من الحالات إلى التعذيب".
وأوضحت أن "محتجزين سابقين أدلوا بشهاداتهم بشأن تعرضهم للضرب بقضبان حديد وخشب وبالبنادق، وقالوا إن الحراس جلدوا المساجين وكبّلوهم بالجدران وضربوهم بالخيزران على أقدامهم، كما هددوا باغتصابهم أو اغتصاب أفراد من أُسرهم".
كما شددت "هيومن رايتس ووتش" على أنه "على السلطات الحوثية أن تفرج فورا عن المحتجزين تعسفا، وأن توقف الإخفاءات القسرية، وأن تحقق جديا مع المسؤولين عن التعذيب واحتجاز الرهائن وتعاقبهم"، مذكرة بأن احتجاز رهائن يشكل "جريمة حرب".
وأضافت أنها تنتهز فرصة صدور هذا البيان لتطلب من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي يعقد دورته في جنيف حاليا، تجديد مهمة مجموعة خبراء حول اليمن مكلفة التحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها كل أطراف النزاع.
ومن بين الشهادات التي أوردها تقرير المنظمة حالة سليم (45 عاما)، إمام الجامع المحلي وأب لثمانية أطفال ويعمل أستاذا. ويروي أنه ذهب في أوائل 2015 مع ابنه البكر للصلاة، فحاصرت الجامع 5 مركبات على الأقل، منها 3 شاحنات عسكرية. دخل 24 رجلا إلى الجامع وقال أحدهم لسليم إن الحوثيين يريدون مقابلته، فرفض المغادرة معهم. ونشب شجار بين الحاضرين وقوات الحوثيين. ضرب المسلحون الناس بأعقاب البنادق. وقال سليم إنهم ضربوه على رأسه من الخلف وأُغمي عليه.
لم تعرف أسرته مكانه، وقالت زوجته: "كنّا خائفين كثيرا". بعد 3 أيام علمت الأسرة أنه لدى جهاز الأمن السياسي في الحديدة. في البدء رفض الحراس السماح لأسرته بزيارته ثم سمحوا لهم بزيارتين أسبوعيا.
تدهورت حالة سليم الصحية ونقل إلى المستشفى، بعد 10 أيام تقريبا، اقتحم مسلحون غرفته، وأعادوه إلى جهاز الأمن السياسي، رغم تحذير الأطباء من مخاطر تركه المستشفى.
وقالت زوجته: "دفعنا المال لوسطاء للتكلم مع بعض المسؤولين الحوثيين... وكنّا نتنقّل بين أبو فلان وأبو علّان... وندفع هنا وهناك، وكلّ ذلك بالدَّيْن... لدي 8 أطفال". وبالفعل، وبحسب محامٍ كان يتابع القضية، فقد أُفرج عن سليم أوائل 2018 بعد أن دفعت أسرته 10 ملايين ريال للحوثيين.
ومن بين الحالات أيضا ما جرى لناصر، الذي أوقفه الحوثيون أواخر 2015.
قال ناصر إنه تعرض لسوء المعاملة واحتُجز في عدة مواقع، لكن لم توجه إليه أي تهمة. في البدء، احتُجز في معسكر في صنعاء حيث ضربه الحراس يوميا. يؤكد: "أتذكر جيدا أسلوب الضرب هذا. ربطوا رِجلَيّ ويديّ وعلّقوني من يديّ وراح 3 أو 4 رجال يضربونني. جلدني بعضهم بالأسلاك والخراطيم المطاطية، بينما لكمني آخرون وركلوني".
أمره الرجال بإطلاعهم على المكان الذي خزنت فيه أسرة بارزة، كان قد عمل لديها قبل الحرب، الأموال والأسلحة. ربطوه بشجرة معرّضة للغارات الجوية، ثم نقلوه إلى 4 مواقع أخرى، تعرّض أحدها فعلا إلى غارة جوية. انتهى به الأمر في مركز الثورة للحبس الاحتياطي، وأُفرج عنه أوائل 2018 بعد أن دفعت أسرته مليون ريال للوسطاء الحوثيين.
ومنذ 2014، يشهد اليمن حربا بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري في مارس/ آذار 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا، بعدما تمكن جماعة أنصار الله من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، بينها صنعاء.
(العربي الجديد)