وكان التنظيم قد بث، ليلة أمس، خطبة صوتية استمرت لنحو 44 دقيقة للمتحدث باسمه، أبو حسن المهاجر، وهو البديل عن المتحدث السابق أبو محمد العدناني الذي قتل بغارة أميركية في الرقة السورية قبل نحو عامين، طالب فيها عناصر التنظيم بمواصلة القتال، وأسهب طويلاً في الحث على ذلك، ونقل عن زعيم التنظيم إبراهيم عواد البدري، الملقب بأبو بكر البغدادي، ما قال عنه "وصية لجنود الخلافة"، طالبهم فيها بالتخلي عن أجهزة الاتصالات بشكل كامل حيث وصفها بأنها "تعدى ضررها وعمت البلوى من ورائها"، وألا "يجعلوا أنفسهم غرضاً للعدو"، معتبراً أن النصر الذي حققته الولايات المتحدة وحلفاؤها "نصر مزيف"، وتوعد بحرب شاملة "لا تبقي ولا تذر"، وعمليات بـ"المفخخات والقناصات والعبوات"، و"أيام زرقاوية"، في تلميح إلى عودة أسلوب العمليات الإرهابية لتنظيم "القاعدة" في العراق أيام زعيمها السابق أبو مصعب الزرقاوي.
وهدد بالعودة إلى المناطق العراقية المحررة التي كان يسيطر عليها التنظيم قبل هزيمته، بالقول إن "الدولة عائدة إلى المناطق طال الزمن أو قصر وبغداد لن تكون قم أو طهران".
وحول رسالة "داعش"، التي قد تكون الأخيرة للتنظيم قبل خسارته البقعة الأخيرة التي يسيطر عليها في بلدة الباغوز السورية، قال مسؤول عراقي بارز في بغداد إن خطبة التنظيم تعني العراقيين من جانب الاطلاع فقط؛ كون زمن سقوط المدن أو السيطرة على البلدات قد ولى إلى غير رجعة.
ووفقا للمسؤول ذاته، فإن الرسالة في الوقت نفسه تدفع إلى التذكير بأن خلايا التنظيم ما زالت موجودة في العراق، وتتخذ عدة أشكال، وتحاول تنفيذ اعتداءات داخل المدن المحررة أو خارجها، لكن هناك حذراً دائماً وملاحقة استخبارية من قبل القوات العراقية، معتبرا الرسالة "محاولة لتبرير لهزيمتهم"، ومشيرا إلى أن كلام المتحدث باسم التنظيم من حث عناصره على عدم استخدام الهواتف يعني أنهم فعلا يفتقدون التواصل بين خلايا ومسلحي التنظيم وقياداته المختفين، ومن بينهم زعيمه أبو بكر البغدادي.
من جانبه، قال الخبير بشؤون الجماعات المسلحة محمد الحياني، لـ"العربي الجديد"، إن "الرسالة ليس دعاية بل تبليغ لمسلحي التنظيم، ويجب أن يتم أخذها على مستوى الأهمية؛ فالتنظيم فكر عقائدي ولا ينبغي الاعتقاد أن القضاء عليه بالسلاح فقط، ومن يعتقد ذلك فهو واهم".
ويضيف "داعش موجود في العراق فكراً وتنظيماً، ونحتاج إلى حملة توعية واسعة بالمجتمع العراقي توازي الحرب العسكرية والاستخبارية، وعدم التسليم بطرده وتحرير المدن فقط، فإمكانية أن يعيد تنظيم صفوفه مجدداً ما زالت قائمة".