سورية: غارات النظام وروسيا تحول سراقب إلى مدينة منكوبة

04 فبراير 2018
من الغارات على سراقب (عمر حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -

احتدمت الاشتباكات العنيفة في ريف إدلب الشرقي بين فصائل المعارضة السورية المسلحة، وبين قوات النظام الساعية لشقّ طريق لها إلى مدينة سراقب الاستراتيجية في تجاوز واضح لاتفاقات أستانة، وذلك في وقت تصاعد الاستياء الشعبي في بلدة بنّش على "هيئة تحرير الشام" واتهامها بـ"التقاعس عن الدفاع عن مدينة سراقب". أما عملية "غصن الزيتون" فتواصلت في ريف عفرين شمال غربي سورية.

في سراقب في ريف إدلب، واصلت طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام لليوم السادس على التوالي، شنّ غارات على المدينة، ما تسبب بمقتل وإصابة العشرات من المدنيين، وخروج النقاط الطبية عن الخدمة، وتحوّل سراقب إلى مدينة منكوبة، وباتت شبه خالية من سكانها. وأكد ناشطون محليون تعرض المدينة، فجر أمس السبت، لقصف عنيف بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والنابالم الحارق والصواريخ الارتجاجية، مشيرين إلى أن "المدينة تحترق بفعل الغارات الجوية المكثفة، من دون أدنى اهتمام من المجتمع الدولي الذي يكتفي بدور المتفرج".

وأكدت مصادر مواكبة للعمليات العسكرية أن "قوات النظام حققت تقدماً وسيطرت على قرية جزرايا"، مشيرة إلى أن "هذه القوات تحاول التقدم باتجاه تل طوقان الذي يبعد نحو 7 كيلومترات عن سراقب". مع العلم أن اتفاقات أستانة حددت السكة الحديدية الرابطة بين حلب ودمشق، خطاً فاصلاً بين المعارضة والنظام، إلا أن الأخير دفع قواته بعمق 10 كيلومترات غربي السكة، وعملت هذه القوات على التقدم في ريف إدلب الشرقي في مسعى للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة.

وشهدت سراقب خلال الأيام الماضية مجازر، فقُتل مدنيون أغلبهم أطفال ونساء، كما أدى القصف إلى خروج مستشفى (عدي) الذي خدم أكثر من 50 ألف مدني، عن الخدمة، بعد تعرضه للقصف من قبل قوات النظام بصاروخ شديد الانفجار. وظهر أن المرافق الصحية هي في مقدمة أهداف الطيران الروسي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، فشنّت الطائرات الروسية يوم الجمعة 5 غارات جوية على مستشفى "الشهيد حسن الأعرج" بريف حماة الشمالي، ما أدى إلى خروجه عن العمل. وأكدت مصادر محلية أن "آلاف المدنيين نزحوا من سراقب باتجاه بلدات قريبة، منها كفرتخاريم، وسلقين، وحارم، وبنّش".

من جانبه، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن "الطائرات الحربية استهدفت بأكثر من 35 ضربة مناطق في سراقب، منذ ليل الجمعة وحتى فجر السبت"، لافتاً إلى أن "القصف المكثف تسبب بمزيد من الأضرار المادية في ممتلكات مواطنين، وسط حالات نزوح كبيرة". وأكد المرصد استمرار الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام، وفصائل تابعة للمعارضة من جانب، وقوات النظام مدعمة بحلفائها من جانب آخر، على محاور في المنطقة الواقعة بين أبو الضهور وبلدة سراقب وطريق دمشق – حلب الدولي في القطاع الشرقي من ريف إدلب.



بموازاة ذلك، أشارت مصادر محلية بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هيئة تحرير الشام قامت بإرسال أرتال عسكرية تضم أسلحة ثقيلة وطوقت مدينة بنش في ريف إدلب الشرقي، تمهيداً لاقتحامها بهدف اعتقال ناشطين اتهموا التنظيم بالتقاعس في صد هجوم النظام على سراقب". وخرجت تظاهرة في مدينة بنش منددة بذلك، وأشار ناشطون إلى أن "المتظاهرين طالبوا هيئة تحرير الشام بخروج أرتالها من المدينة".

وفي الشأن ذاته، ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر من التنظيم داهموا العديد من المنازل في المدينة بحثاً عن قائمة من الناشطين الذين نظموا تظاهرة يوم الجمعة ضد التنظيم في المدينة". وأصدر ناشطون في إدلب بياناً طالبوا فيه "هيئة تحرير الشام" بوقف أي عملية اعتقال تنوي شنها في مدينة إدلب، واحترام حق التظاهر والتعبير عن الرأي، وحماية المدنيين، وتوجيه السلاح إلى جبهات القتال مع النظام". واتهم ناشطون "هيئة تحرير الشام" بتسهيل وصول قوات النظام السوري، والانسحاب أمام القوات المتقدمة من دون مقاومة. الأمر الذي أدى إلى وصول قوات النظام إلى مسافة أقل من عشرة كيلومترات من مدينة سراقب.

في عفرين واصل الجيشان التركي والجيش السوري الحر عملية "غصن الزيتون"، التي بدأت في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، لتضييق الخناق على الوحدات الكردية في المدينة الواقعة شمال غربي حلب. وأعلنت رئاسة الأركان العامة التركية أمس، أن "عدد الإرهابيين الذين تم تحييدهم منذ انطلاق عملية غصن الزيتون، بلغ 897 شخصاً"، موضحة في بيان، أن "العملية تستهدف فقط الأوكار والملاجئ والمواقع العسكرية والعربات والمعدات التابعة للتنظيمات الإرهابية، وأن سلاح الجو دمّر 15 هدفاً، كانت الوحدات الكردية تستخدمها أوكاراً ومستودعات أسلحة وذخيرة أمس.

كما سيطرت قوات "الجيش السوري الحر" مدعومة بقوات خاصة من الجيش التركي، أمس، على قرية بيكو في عفرين ضمن عملية "غصن الزيتون" إثر معارك عنيفة مع الوحدات الكردية. وقال مصدر من "الجيش السوري الحر"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عملية غصن الزيتون، استمرت بعد السيطرة على ناحية بلبل بالكامل، وأحرزت تقدماً، بالسيطرة على قرية بيكو في ناحية راجو، شمال غربي عفرين".

وأضاف المصدر أن "القوات المهاجمة أسرت عنصرين من الوحدات الكردية، وقتلت وجرحت آخرين"، لافتاً إلى أنّ "المعارك لا تزال مستمرة على العديد من المحاور وسط قصف جوي ومدفعي على مواقع المليشيات من الجيش التركي، استهدف محاور كفري في ناحية راجو ومحور مركز جنديرس وقرية حمام، وقرية عليكارو والتي شهدت أعنف الاشتباكات". وفي ضواحي دمشق، واصل طيران النظام ومدفعيته استهداف مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وشنّت مقاتلات النظام غارات على مدينة حرستا.