العراق: موارد الدولة بخدمة مرشحي الانتخابات

03 مايو 2018
استغلّ العبادي منصبه للترويج لنفسه انتخابياً (فرانس برس)
+ الخط -
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية في 12 مايو/أيار المقبل تتزايد الاتهامات الموجهة لكبار المسؤولين الحكوميين، المرشحين للانتخابات بتسخير موارد الدولة في حملاتهم الانتخابية. وعلى الرغم من إقرار مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد برصد العديد من التجاوزات إلا أن احتمالات المحاسبة تبقى محدودة لا سيما مع اتباع المفوضية سياسة غض الطرف.
وأكّد عضو مجلس أمناء مفوضية الانتخابات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، استغل منصبه للترويج لنفسه انتخابياً بنسبة ما لا تقلّ عن 20 مرة خلال أقل من شهر واحد.
ووفقاً للمسؤول العراقي نفسه تم "رصد استخدام العبادي طائرات حكومية بينها طائرات عسكرية مخصصة لأغراض النقل، في تنقله بين المحافظات والمدن العراقية لحضور مؤتمرات واحتفالات أقامتها حملته الانتخابية للترويج له ولقائمة "النصر" التي يتزعمها. كما تضمّن ذلك، أيضاً تخصيص طواقم أمن تابعة لوزارة الداخلية والدفاع مع السيارات والإمكانات الحكومية لتأمين تحركه"، في استغلال واضح لمقدرات الدولة وإمكاناتها. ولم تقتصر هذه المخالفات على رئيس الوزراء، إذ سجّل الأمر نفسه على رئيس البرلمان، سليم الجبوري، الذي أشارت التقارير إلى استغلاله مواكب الدولة الرسمية المخصصة لكبار المسؤولين، فضلاً عن تفريغ قوات لا تقل عن 50 عنصراً أمنياً، لصالح حركته الدعائية بين المدن العراقية المختلفة. وقام بهذا الأمر أيضاً نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، الذي استخدم سيارات ديوان الرئاسة وسيارات همفي عسكرية مع عناصر الأمن، لتعليق صوره في شوارع بغداد وإنفاق مبالغ مالية على حملته واستغلال قاعات حكومية من دون دفع ثمن إيجارها واعتبار النشاط حكوميا رغم أنه حزبي.

وبحسب المسؤول نفسه، فإن المفوضية رصدت عدداً أكبر من المخالفات في الإطار نفسه، من قبل مسؤولين آخرين وبشكل مفرط، خصوصاً في بغداد والنجف والأنبار وديالى، حيث إن المتورطين بها مسؤولون يشغلون مناصب متفاوتة في الأهمية وينتمون جميعاً لأحزاب إسلامية عربية سنية وشيعية.

وفي سياق متصل، ربطت مصادر مقربة من فصائل "الحشد الشعبي" بين اغتيال مسؤول الشؤون المالية في "الحشد"، قاسم الزبيدي، وبين فقدان مبالغ مالية قدّرها البعض بنحو خمسة مليارات دينار (4190763 دولارا) من موازنة "الحشد" المقدمة من قبل الحكومة، في ظلّ تلويح الزبيدي الذي اقتحم مسلحون منزله الأحد الماضي، بالكشف عن المتورطين بسحب هذه المبالغ وإنفاقها على الحملة الانتخابية، في وقت كانت تلك الأموال مخصصة لإرسال جرحى "الحشد" إلى مستشفيات في بيروت وطهران وإسطنبول للعلاج وزرع الأطراف الصناعية.

وفي الإطار نفسه، قال عضو مجلس أمناء مفوضية الانتخابات إن المفوضية "وصلتها شكاوى وتقارير بالصور والأدلة عن استخدام مقدّرات الدولة من قبل المسؤولين في حملاتهم الانتخابية، لكن من غير المرجّح الإعلان عن فتح تحقيق بها، كون المادة القانونية التي تتعلّق بها تنصّ على إبعاد المدانين من السباق الانتخابي، وهو ما لن يحصل كون المتورطين هم رموز العملية السياسية، على شاكلة حيدر العبادي ونوري المالكي وسليم الجبوري وأسامة النجيفي، وإياد علاوي وهادي العامري وآخرين بالمستوى نفسه أو أقل منهم بقليل".


وأوضح عضو مجلس أمناء مفوضية الانتخابات أنه "تمّ التوصّل إلى قناعة واحدة، وهي غضّ الطرف عن استخدام المرشحين لأموال الدولة وممتلكاتها في الترويج لأنفسهم"، مضيفاً أنّ "90 في المائة مثلاً من حملة المالكي، ممولة من ديوان رئاسة الجمهورية، والأمر نفسه ينطبق على إياد علاوي"، ولفت إلى أنّ "الزعماء السياسيين الأكراد يستخدمون مقدرات حكومة الإقليم في حملاتهم الانتخابية".

وكان العبادي زار إقليم كردستان، حيث أقام مهرجانات انتخابية في أربيل والسليمانية. ووصل إلى هناك جواً عبر طائرة شحن عسكرية تابعة لوزارة الدفاع العراقية يوم الخميس الماضي. وأعقبت زيارة العبادي لكردستان زيارات مماثلة للجبوري والمالكي بمواكب حكومية وسيارات مملوكة للدولة، وهو ما يعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون تبدأ من فرض غرامة مالية في حال ثبت حدوثها مرة واحدة، وتصل إلى الحرمان من خوض الانتخابات والإحالة إلى هيئة النزاهة، في حال سجّل ذلك بشكل متكرر.

وحول ذلك، قال النائب حامد المطلك، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "على القضاء التحقّق من الأمر، وأن يكون له موقف من هذه الارتكابات"، مضيفاً "من يؤتمن على شيء ‏يجب أن يحافظ عليه، وهذا المال مال الدولة ليس مال المسؤول. ‏فإذا صحّت مثل هذه الأمور، يجب أن يحاسب عليها ويحال إلى القضاء ليتم استرجاع هذه الأموال منه لصالح الجهة المختصة".

بدوره، رأى النائب عبد السلام المالكي، ‏في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "على المفوضية أن تتابع هذا الأمر بجدية وتحاسب من ‏يستغل، سواء نفوذ الدولة أو مالها". وتابع "نعم للأسف هناك اليوم من الوزراء من استغل وجوده في الحكومة وأعلن ‏افتتاح مشاريع أو ساهم في تعيينات معينة أو تأمين فرص عمل، أو استغل الموارد الحكومية وسخّرها من أجل الدعاية الانتخابية، وهذا مخالف للقانون ‏في الدستور"، مؤكداً أنّ "على المفوضية أن تتحمّل مسؤولية ‏ذلك، وتعمل على الحدّ من هذه الانتهاكات. كذلك يجب أن تضع عراقيل قانونية ‏من أجل منع بعض أطراف القوى السياسية من استغلال المال السياسي، إذ وصل الحدّ ببعض النافذين إلى شراء بعض ‏البطاقات الانتخابية والتلاعب بالأصوات واستغلال الحكومة من أجل المال أو تسخيرها لماكينتهم الانتخابية". وأضاف "‏أعتقد أنّ هذه الأمور يجب أن تراقب من قبل المفوضية عن كثب، لا سيما أن الشارع العراقي بدأ يرفض هذه الأساليب والسياسات التي أصبحت مكشوفة وواضحة".