إدلب: هل سبق السيف العذل؟

02 فبراير 2020
قوات للنظام بتل الأبيض بريف حلب الجنوبي الغربي(فرانس برس)
+ الخط -

ساهم سماح تركيا لفصائل المعارضة السورية المدعومة من قبلها، بفتح جبهات أخرى مع النظام في ريفي حلب الشمالي والغربي، بفرملة نسبية لقوات الأخير التي تجتاح جنوب إدلب بغطاء ناري روسي ودعم من مليشيات إيرانية. وأعاد ذلك إلى فصائل المعارضة شيئاً من الروح المعنوية التي فقدتها في ظلّ التقدّم المستمر لقوات النظام، وقضم معظم مناطق ريف إدلب الجنوبي، بعد تدميرها وقتل وتشريد سكانها، فيما فصائل المعارضة المدعومة تركياً تقف مكتوفة الأيدي على خطوط التماس مع قوات النظام في المناطق الأخرى بدعوى الحفاظ على التفاهمات الدولية التي أبرمها الضامنون الثلاثة: "تركيا، روسيا، إيران"، في الوقت الذي يخرق فيه الضامنان الروسي والإيراني تلك التفاهمات بتقديم الدعم ومساندة قوات النظام.

ويبدو سماح تركيا لفصائل المعارضة بفتح جبهات أخرى في ريفي حلب الشرقي والغربي مع قوات النظام، بمثابة رسالة واضحة للروس والإيرانيين، بأنّ أنقرة لا تزال تمتلك أوراق قوة يمكن أن تستخدمها في تغيير معادلات القوة في شمال سورية. ومن شأن هذا السماح أن يُفهم من جهة أخرى بأنه إعلان من قبل تركيا بانتهاء كل تفاهماتها مع روسيا بشكل خاص، ومع ضامني اتفاقيات أستانة وسوتشي بشكل عام. إذ لم يعد باستطاعة الضامن التركي أن يحتمل تجاوزات الضامن الروسي، سواء لناحية التمادي بقضم المناطق التي أُعلِنَت مناطق آمنة ومنزوعة السلاح، الأمر الذي يحرج تركيا ويظهرها بمظهر الضامن الذي لا يمتلك أياً من أوراق القوة، أو لناحية تحمّل تبعات عمليات النزوح الهائلة من المناطق التي يهاجمها الروس، وتجميع أكثر من ثلاثة ملايين مدني في قطاع جغرافي ضيق، قسم كبير منهم لا يزال مشرداً في العراء.

ويبدو أنّ ما ساعد تركيا على القيام بهذه الخطوة، وفتح جبهات جديدة بعدما كانت في السابق تحاسب أي فصيل يتجاوزها، دخول الأميركيين على خطّ الصراع في إدلب، ومحاولتهم سحب تركيا من تفاهماتها مع روسيا واستعادة التنسيق معها بشكل أكبر في ما يخصّ شمال غربي سورية. ومما يعزز هذه الفكرة، الأنباء التي وردت عن محاولة الأميركيين إعادة تفعيل غرفة "الموم"، واشتراكهم وبعض الدول الغربية الأخرى في دعم فصائل المعارضة في إدلب، لمواجهة تقدّم النظام، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز موقفها، وربما ساعد على قلب الطاولة، وتغيير معادلات القوة في المنطقة، خصوصاً أنّ قوات النظام لا تستطيع الصمود في وجه المعارضة لولا الطيران الروسي الذي يستخدم سياسة الأرض المحروقة في تمهيده لهجوم تلك القوات برياً. وبالتالي، من شأن فتح معظم الجبهات مع النظام، أن يربك الروس، وقد يدفعهم إلى إعادة حساباتهم في إدلب. فهل ستتمكن تركيا من المضيّ قدماً في هذا السيناريو وتقلب الطاولة على النظام وروسيا؟ أم أنّ ما حققته الأخيرة لا يمكن الرجوع عنه، وقد سبق السيف العذل في ما يخصّ محافظة إدلب؟

المساهمون