جاءت مواقف الدول الرئيسية في المغرب العربي، ما عدا موريتانيا وجزء من ليبيا، على عكس ما كان ينتظره المحور الذي يشنّ حملة ضد دولة قطر، إذ لم تتّسع رقعة المقاطعين لها، ونأت دول المغرب العربي الثلاث، الجزائر وتونس والمغرب، بنفسها عن الصراع الخليجي، في مواقف تكاد تكون متطابقة، على الرغم من عدم تنسيقها الثلاثي المعروف بسبب الأزمة بين المغرب والجزائر خصوصاً. ولكن هذا الخلاف لم يحل دون إبداء مواقف رصينة وهادئة تصب لصالح الإجماع العربي ولا تزيد من حجم الهوّة التي ازدادت عمقاً بهذا الفصل الجديد من التناحر العربي-العربي.
وأجمعت تونس والجزائر والمغرب على عدم التدخّل في هذا الصراع، داعية إلى الحوار كحل لتجاوز الأزمة. واجتمعت المواقف الثلاثة لدول المغرب العربي في الإشارة إلى أن تدهور العلاقات بين بعض دول الخليج ودول المنطقة له انعكاسات على وحدة وتضامن العالم العربي، مثلما ورد في بيان جزائري. كلام أيّده موقف وزير الخارجية التونسي، خميّس الجهيناوي حين أكد أن العالم العربي لا تنقصه المشاكل والأزمات حتى يضيف أزمة جديدة. لكن أكثر ما كان لافتاً، هو عرض الوساطة الذي تقدّم به المغرب، ووُصف على صعيد واسع بأنه موقف "جريء" نظراً إلى التقارب التاريخي بين المملكة والسعودية بشكل خاص.
وجاء الموقف المغربي ليشدد على ضرورة "عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاذ المواقف المتسرعة والتي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات". حتى أن ملك المغرب محمد السادس دعا "مجموع الأطراف لضبط النفس، والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي، انسجاماً مع الروح التي ظلت سائدة داخل المجلس". وأفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية، بأنه "نتيجة للعلاقات القوية التي تربطها بدول الخليج في كافة المجالات، على الرغم من أنها بعيدة عنها جغرافياً، تشعر أنها معنية، بشكل وثيق، بهذه الأزمة من دون أن تكون لها صلة مباشرة بها. كما أن المملكة المغربية تفضّل حياداً بناء لا يمكن أن يضعها في خانة الملاحظة السلبية لمنزلق مقلق بين دول شقيقة". وأعربت الرباط عن استعدادها "إذا أبدت الأطراف الرغبة، لبذل مساعٍ حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل على أساس عدم التدخّل في الشؤون الداخلية، ومحاربة التطرف الديني والوضوح في المواقف والوفاء بالالتزامات"، معبّرة عن الأمل في "أن يشكل شهر رمضان الفضيل عامل إلهام لروح التضامن والتوافق الضروري من أجل تجاوز الخلافات الحالية، حتى يبقى مجلس التعاون الخليجي نموذجاً للتعاون الإقليمي، ومحركاً للعمل العربي المشترك".
أما الجزائر، فدعت بدورها إلى "ضرورة التزام مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها الوطنية في جميع الظروف"، وأكدت أنها "تبقى واثقة بأن الصعوبات الحالية ظرفية، وأن الحكمة والتحفّظ سيسودان في النهاية، خصوصاً أن التحديات الحقيقية التي تعترض سير الدول والشعوب العربية نحو تضامن فعال ووحدة حقيقية، كثيرة على غرار الإرهاب".
اقــرأ أيضاً
وتعكس هذه المواقف الثلاثة لدول المغرب العربي إصراراً واضحاً على عدم التدخّل المباشر في هذا الملف، وعدم الانحياز لطرف على حساب آخر، ولكنها تعكس أيضاً بوضوح أن هذه الدول لم تقتنع بالاتهامات الموجّهة لقطر، وتعتبر أن هذا الصراع يمكن أن يوجّه آخر ضربة للتنسيق العربي المشلول أصلاً. وإذ كان منتظراً ومتوقعاً أن تعبّر تونس والجزائر عن هذا الموقف، فإن موقف المغرب جاء لافتاً في ظل التقارب الكبير بينه وبين السعودية، وهو ما يعني أنه رفض كل هذه الحسابات وربما الضغوط التي مورست عليه.
وفي السياق، يبدو أن تونس تعرضت لضغوط كبيرة من أجل تغيير موقفها السريع من الأزمة منذ انطلاقها إعلامياً في البداية وسياسياً واقتصادياً لاحقاً في الخامس من يونيو/حزيران الحالي، إذ تزامنت مع حملة كبيرة حاولت أن تورطها مع قطر، وبلغت ذروتها مع مؤتمر صحافي نظمه في ليبيا المتحدث باسم قوات خليفة حفتر، أحمد المسماري، مدعياً أن عقيداً في الاستخبارات القطرية، يعمل في تونس، قام بتحويل أموال من حساب له في بنك في تونس نحو بنك آخر في محافظة تطاوين، جنوب البلاد، لتصل هذه الأموال إلى ليبيا لدعم ما وصفها بـ"الجماعات الإرهابية". وانطلقت سلسلة التأويلات والتحليلات، ولكن المتحدث باسم القضاء التونسي، سفيان السليطي، أسقط هذه الحملة بسرعة، حين أكد في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أن ما أثير حول تحويلات مالية قطرية إلى أحد البنوك في محافظة تطاوين سنة 2011 "كان موضوع بحث قضائي منذ 2014، وقد بيّنت الأبحاث الأولية بخصوص الأموال المحوّلة عبر الجهاز البنكي التونسي أنّ الأمر يتعلّق مبدئياً بتمويل مخيم اللاجئين الليبيين في الشوشة بتطاوين". وأكد السليطي أن وزارة الدفاع القطرية، الجهة المموّلة للمخيم التونسي القطري لإيواء اللاجئين، تولت تحويل جملة من المبالغ المالية إلى ذلك الحساب عبر الجهاز المصرفي التونسي بصفة رسمية.
ويكشف تصريح مفاجئ للمسؤول في قوات حفتر تزامناً غريباً مع الحملة على قطر، وإن كان مفهوماً بحكم الصراع الليبي بين الشرق والغرب، ولكنّ متابعين في تونس تساءلوا لماذا انتظر هذا المسؤول العسكري الليبي كل هذا الوقت ليوجّه هذه الاتهامات، ما يكشف بوضوح أن العملية كان هدفها الضغط على تونس في هذا الصراع وإدخال بلبلة في المشهد السياسي التونسي لضرب التقارب بينها وبين قطر من جهة، وتغيير موقفها المحايد من جهة أخرى.
وجاء الموقف المغربي ليشدد على ضرورة "عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاذ المواقف المتسرعة والتي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات". حتى أن ملك المغرب محمد السادس دعا "مجموع الأطراف لضبط النفس، والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي، انسجاماً مع الروح التي ظلت سائدة داخل المجلس". وأفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية، بأنه "نتيجة للعلاقات القوية التي تربطها بدول الخليج في كافة المجالات، على الرغم من أنها بعيدة عنها جغرافياً، تشعر أنها معنية، بشكل وثيق، بهذه الأزمة من دون أن تكون لها صلة مباشرة بها. كما أن المملكة المغربية تفضّل حياداً بناء لا يمكن أن يضعها في خانة الملاحظة السلبية لمنزلق مقلق بين دول شقيقة". وأعربت الرباط عن استعدادها "إذا أبدت الأطراف الرغبة، لبذل مساعٍ حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل على أساس عدم التدخّل في الشؤون الداخلية، ومحاربة التطرف الديني والوضوح في المواقف والوفاء بالالتزامات"، معبّرة عن الأمل في "أن يشكل شهر رمضان الفضيل عامل إلهام لروح التضامن والتوافق الضروري من أجل تجاوز الخلافات الحالية، حتى يبقى مجلس التعاون الخليجي نموذجاً للتعاون الإقليمي، ومحركاً للعمل العربي المشترك".
أما الجزائر، فدعت بدورها إلى "ضرورة التزام مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها الوطنية في جميع الظروف"، وأكدت أنها "تبقى واثقة بأن الصعوبات الحالية ظرفية، وأن الحكمة والتحفّظ سيسودان في النهاية، خصوصاً أن التحديات الحقيقية التي تعترض سير الدول والشعوب العربية نحو تضامن فعال ووحدة حقيقية، كثيرة على غرار الإرهاب".
وتعكس هذه المواقف الثلاثة لدول المغرب العربي إصراراً واضحاً على عدم التدخّل المباشر في هذا الملف، وعدم الانحياز لطرف على حساب آخر، ولكنها تعكس أيضاً بوضوح أن هذه الدول لم تقتنع بالاتهامات الموجّهة لقطر، وتعتبر أن هذا الصراع يمكن أن يوجّه آخر ضربة للتنسيق العربي المشلول أصلاً. وإذ كان منتظراً ومتوقعاً أن تعبّر تونس والجزائر عن هذا الموقف، فإن موقف المغرب جاء لافتاً في ظل التقارب الكبير بينه وبين السعودية، وهو ما يعني أنه رفض كل هذه الحسابات وربما الضغوط التي مورست عليه.
ويكشف تصريح مفاجئ للمسؤول في قوات حفتر تزامناً غريباً مع الحملة على قطر، وإن كان مفهوماً بحكم الصراع الليبي بين الشرق والغرب، ولكنّ متابعين في تونس تساءلوا لماذا انتظر هذا المسؤول العسكري الليبي كل هذا الوقت ليوجّه هذه الاتهامات، ما يكشف بوضوح أن العملية كان هدفها الضغط على تونس في هذا الصراع وإدخال بلبلة في المشهد السياسي التونسي لضرب التقارب بينها وبين قطر من جهة، وتغيير موقفها المحايد من جهة أخرى.