كرّ وفرّ على أسوار الموصل: ضغوط أميركية تستعجل الاقتحام

03 نوفمبر 2016
النزوح مستمر من الموصل وضواحيها (أحمد إيزغي/الأناضول)
+ الخط -

أنهت معارك الموصل يومها الثامن عشر، بالقتال المتواصل على مختلف محاور المدينة السبعة، محققة بذلك تقدماً واضحاً على المحاور الشرقية والشمالية والجنوبية، مع استمرار الضربات الجوية الأميركية والفرنسية، على مواقع وأهداف تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك في وقتٍ كشفت فيه مصادر لـ"العربي الجديد" أن "وفداً عسكرياً أميركياً رفيع المستوى، وصل إلى بغداد لبحث مجريات معركة الموصل"، على وقع استمرار التوتر التركي ـ العراقي، وإن حاولت أنقرة التخفيف من حدته. كما أعلنت مليشيات "الحشد الشعبي"، أنها "سيطرت على الطريق الرابط بين الموصل العراقية والرقة السورية".

في هذا السياق، أفاد نائب رئيس وزراء تركيا، نعمان كورتولموش، أمس الأربعاء، أن "التعزيز العسكري على الحدود مع العراق إجراء احترازي، وليس تهديداً". وحثّ الحكومة العراقية على "تخفيف التوترات بعد أن حذّرت تركيا من أنها ستدفع ثمن أي توغل". وتقدمت قافلة من الدبابات والمركبات المدرعة التركية صوب بلدة سيلوبي، القريبة من الحدود العراقية. وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد حذّر يوم الثلاثاء، من أن "بغداد سترد على أي انتهاك لأراضيها".

في الموصل، تميّزت معارك، أمس، باتساع حدة القتال وغزارة العمليات الانتحارية التي نفذها التنظيم، فضلاً عن مراوحة القوات في مواقعها حول المدينة، من دون تحقيق تقدم كبير مقارنة بما حققته يوم الثلاثاء. وكشفت مصادر عسكرية عراقية رفيعة المستوى، أن "قيادات ميدانية بالجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب اشتكت من ضغوط فريق المستشارين الأميركي ضمن التحالف الدولي، على قواتهم بالتقدم على الأرض، على الرغم الإنهاك البادي على الجنود والقوات المشتركة، من خلال استمرارهم قصف المناطق"، مطالبين الجيش بالتقدم، تحديداً عبر المحورين الشمالي والشرقي من المدينة.

كما أكدت مصادر داخل المدينة، مقتل ستة مدنيين وجرح 20 آخرين، بينهم أطفال ونساء، جراء القصف الصاروخي والمدفعي. وكشفت مصادر طبية داخل المدينة لـ"العربي الجديد"، أن "الضحايا سقطوا جراء سقوط ثلاثة صواريخ في محيط كنيسة العذراء، في حي حاوي الكنيسة وسط الموصل". وارتفع بالتالي عدد الضحايا إلى 51 قتيلاً من المدنيين، بينهم 19 طفلاً وامرأة ونحو 150 جريحاً، بينهم أكثر من 40 جريحاً خرجوا من المستشفى، بعد تحسن حالتهم".


وفشلت القوات العراقية، أمس، ممثلة بجهاز مكافحة الإرهاب والفرقة التاسعة بالجيش العراقي في تحقيق هدفها المعلن بتحقيق أول اقتحام لها لأحياء الموصل السكنية، بعد السيطرة على حي كوكجلي ومنطقة الشلالات أولى مناطق الموصل.

ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية، فإن التنظيم استخدم عدداً كبيراً من الانتحاريين والانغماسيين لمنع تقدم القوات المهاجمة إلى أحياء عدن والكرامة والقدس، التي تلي حي كوكجلي شرق الموصل، المطلّ على الساحل الأيسر للمدينة. واستخدمت القوات العراقية والتحالف الدولي القصف الجوي والصاروخي على حواجز التنظيم التي أقامها على حدود تلك الأحياء.

وأكدت المصادر في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، أن "الانتحاريين والعبوات الناسفة ومصدات الانغماسيين (مقاتلون يرتدون أحزمة ناسفة يفجرون أنفسهم بعد نفاد ذخيرتهم)، نجحت في إيقاف التقدم بعد سقوط أكثر من 60 قتيلاً وجريحاً من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب خلال محاولات الاختراق". وأوضح ضابط بالجيش العراقي أن "الاقتحام توقف لحين تحسن الطقس وتمكن المروحيات القتالية من التحليق لمعالجة تلك العوائق ونأمل أن تتم الخميس"، وفقاً لقوله.

في المحور الشمالي، أحكمت القوات العراقية سيطرتها على حي الشلالات الذي يلي تلكيف، ويعتبر أولى مناطق الموصل. كما شهدت قرية بازوايا، شرق الموصل، عودة الاشتباكات إليها بعد إعلان الجيش، مساء الثلاثاء، تحريرها بشكل كامل. وأكد جنود بالجيش العراقي وجود قنّاصة وانتحاريين استهدفوا القوات العراقية، صباح أمس، واندلعت على أثرها اشتباكات لكن منع دخول الصحافيين إليها بسبب خطورة الموقف هناك.

في جنوب الموصل، تمكنت القوات العراقية (الجيش والشرطة الاتحادية) من تحرير قرى المنكار والبزونة وخرار وكطية، التابعة لبلدة حمام العليل. مع العلم أن مصادر من داخل الموصل، أكدت أن "داعش أقدم على نقل مئات الأُسر معه من تلك المنطقة قسراً إلى داخل الموصل قبل أن ينسحب منها".

وقال المقدّم في قيادة عمليات نينوى عبدالله العزاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش لجأ لأسلوب الهجمات السريعة والكر والفر، لعرقلة تقدّم القطعات على أسوار المدينة". وبيّن أن "التنظيم لا يستقر في مكان واحد لتجنّب تحديد الطيران مواقعه ويستخدم وسائل نقل مختلفة بما فيها الدراجات الهوائية والنارية. وعلى ما يبدو، فإن جميع من في محيط الموصل الآن، انتحاريون". وتابع "انتهى يوم الأربعاء بمزيد من التحصين وإنهاك العدو ونأمل أن يتحسن الطقس اليوم الخميس". وحول دور التحالف في معارك، أمس، قال "يبدو أنهم جادون أكثر منا في الموصل".

من جانبه، علّق قائد عمليات تحرير نينوى، اللواء نجم الجبوري، على نتائج المعارك، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "يأمل في أن يتم الانتهاء من الجيوب المسلحة للتنظيم في أطراف الموصل خلال يومين أو ثلاثة". وأضاف أن "المحور الشرقي يتحرك عبر الساحل الأيسر والجنوبي عبر حمام العليل، نحو الجانب الأيمن للموصل، ونأمل رفع العلم العراقي وسط الموصل بسرعة".

وبدت مشاهد القرى والبلدات بمحيط الموصل شبيهة بمناطق ضربها إعصار، ولم يبق منها سوى الأطلال، إذ لا توجد بناية عامرة ولا شيء يدل على أنها كانت تحوي على حياة. حتى أن القصف تسبب بموت كل شيء حتى الماشية والكلاب، بينما بدا نخيل الموصل وغاباتها، وكأنما التهمها حريق كبير لعدة أيام".

في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية عراقية رفيعة المستوى، لـ"العربي الجديد"، أن "قيادات ميدانية بالجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب اشتكت أمس، من ضغوط فريق المستشارين الأميركي ضمن التحالف الدولي على قواتهم بالتقدم على الأرض، على الرغم من الإنهاك البادي على الجنود والقوات المشتركة، من خلال استمرارهم قصف المناطق جواً". وطالبوا "الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب بالتقدم تحديداً عبر المحورين الشمالي والشرقي من المدينة".

وأوضح مسؤول عسكري في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "فريق المستشارين الأميركي المتواجد في محور خازر الشرقي لمراقبة سير المعارك، يضغط على قواتنا بالتقدم ودفع القوات إلى الأمام، من دون الاكتراث ما إذا سيكون هناك خسائر بشرية في قواتنا". وتابع: "إن ضباطاً ميدانيين اشتكوا من ذلك مرات عدة، وعلى ما يبدو فإن واشنطن تريد أن تحقق خرقاً لتدخل القوات الموصل، تحت أي ظرف قبل الانتخابات، وهذا يجب ألا يكون على حساب أرواح الجنود". واستدرك "يحرقون المنطقة ويقولون للجنود العراقيين تقدموا، وبالنهاية تكون هناك كمائن وفخاخ كثيرة ويجب أن يدرك الأميركيون أن حياة الجنود غالية لدينا".


المساهمون