الانفجار آتٍ

21 يوليو 2017
اضطهاد متواصل من الاحتلال للمقدسيين (العربي الجديد)
+ الخط -
كل من تابع الأوضاع في القدس المحتلة على مر أيام الأسبوع، والإصرار المقدسي على رفض البوابات المعدنية، يدرك أن الانفجار في القدس آتٍ، وهو انفجار لن يكون بمقدور المرجعيات الدينية للمدينة التي نجحت لغاية الآن بضبط حركة المرابطين والمصلين إلى حد ما، منعه. أحداث ومواجهات يوم أمس الجمعة، تعيدك مباشرة للمشاهد ذاتها: الغضب المتولد من القهر والاستخفاف بالمقدسيين في أيام الانتفاضة الأولى. حالة الغضب نفسها، وملامح التحدي والإصرار نفسها في وجوه شبان ولدوا ليس فقط بعد الانتفاضة الأولى، وسمعوا عنها القليل، بل حتى من مواليد جيل أوسلو، ومواليد جيل الانتفاضة الثانية.

منع المقدسيين من دخول المسجد الأقصى، والإصرار على إذلالهم وإخضاعهم للتفتيش، أعاد القدس إلى أجواء الانتفاضة الأولى، بفارق مهم هو تراجع دور الحركات الوطنية في المدينة. كثيرة هي العبارات الرافضة للواقع الفلسطيني ولهوان السلطة الفلسطينية وابتعادها، أو غيابها عن القدس، وهي تنذر ببركان قد ينفجر في كل لحظة، في وجه صلف الاحتلال واستفزازات جنوده وعناصر حرس الحدود فيه للناس، عند كل شاردة وواردة. فالحكاية لا تقف فقط عند منع المرابطين وأهل القدس من الدخول إلى مسرى الرسول، أولى القبلتين، وثالث الحرمين، هي أيضاً تراكمات الحياة اليومية في اضطهاد متواصل، وسط غياب كلي لأي بصيص أمل في الأفق، جعلت الخطيب الذي أمّ بالناس في صلاح الدين يقول للجموع المصلين، أنتم الأمل المنشود والجيش الموعود. هو كلام يدخل في النفوس، نفوس من فقدوا النصرة والنصير لكنهم لم يفقدوا الأمل، فهم أهل القدس.
لكنهم يفقدون اليوم سلطة أو مرجعية وطنية تخاطبهم وتتولى أمرهم، لم يعد لمنظمة التحرير أو السلطة الوطنية ولو حتى جزء من ألفية ما كان لها من نفوذ معنوي قبل الانتفاضة الأولى، وفي ظل الانتفاضة الثانية، وبعد رحيل فارس القدس فيصل الحسيني.

واقع المدينة المؤلم، يكشفه تغوّل نشاط التهويد الرسمي للمدينة والتصدّع في هوية وطنية مع بذور تخلخل واهتزاز لصالح سيرورة أسرلة تهدد المدينة. لكن القمع والغرور، والخنق الاقتصادي وسياسة الهدم، هي الكفيلة، وليس وجود خطة فلسطينية لحماية المدينة، هي الكفيلة بتغذية غضب تراكم منذ ما بعد عهد الانتفاضة الثانية ولا يزال يتراكم في النفوس، في مدينة باتت معزولة ومنسية من محيطها.
المساهمون