الجزائر تترقّب عودة مواطنيها المقاتلين مع "داعش" (فيديو)

13 يناير 2017
تتابع قوى الأمن الجزائرية تحركات عناصر "داعش" (Getty)
+ الخط -

تراقب الجزائر عودة المقاتلين من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى دول المغرب العربي، خوفا من أية تأثيرات لهم على الوضع الأمني في الجزائر وفي دول الجوار. وتعمل أجهزة الأمن الجزائرية على رصد حركة المقاتلين الجزائريين في صفوف "داعش" على قلة عددهم، لكنّ اهتمامها منصب بتركيز كبير على عودة المقاتلين إلى تونس تحديدا، نظراً لكون تونس تقع ضمن العمق الأمني والاستراتيجي للجزائر.


ويعد الجزائريون الأقل عددا في صفوف تنظيم "داعش" مقارنة مع نظرائهم التونسيين والليبيين والمغاربة. وتكشف تصريحات رسمية في الجزائر أن "عدد الجزائريين في صفوف تنظيم داعش ضئيل جدا، فهو لا يتجاوز- بحسب هذه التصريحات- الـ100 عنصر، غالبيتهم جزائريون يعيشون في المهجر، انطلقوا للالتحاق بتنظيم داعش من دول إقامتهم".

ففي نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف وزير الشؤون الدينية الجزائري، محمد عيسى، أن "100 جزائري التحقوا بتنظيم داعش فقط"، وعدّ محمد عيسى هذا الرقم الضئيل نتيجة "نجاح الجزائر في محاصرة الجهات التي تقوم بالتجنيد واليقظة ومكافحة التطرف في الجزائر، والتشديد في مراقبة المساجد، ومواقع التواصل الاجتماعي".

وبحسب وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، فإن "عدد الجزائريين الذين التحقوا بساحات القتال في الخارج لا يتجاوز بعض العشرات".

وقال لعمامرة، في تصريح لإذاعة الجزائر الدولية، إن "كل السلطات عبر العالم تؤكد أن عدد الجزائريين في التنظيمات الإرهابية، على غرار تنظيم داعش، لا يتجاوز بعض العشرات فقط، وهم عموما من الجالية الجزائرية في الخارج".

ويعتبر وزير الخارجية الجزائري أن "نجاح الجزائر في منع تنظيم داعش من التجنيد يعود إلى نجاح التجربة الجزائرية والثقافة السياسية الجزائرية التي تعتبر التطرف العنيف انتحارا جماعيا لا علاقة له بالإسلام".

وتشير تقارير أمنية جزائرية إلى أن "عدد الجزائريين الذين نجح تنظيم داعش في استقطابهم من داخل الجزائر هو 43 عنصراً، عبروا إلى سورية انطلاقا من الجزائر ثم إلى تركيا أو من الجزائر إلى ليبيا"، وقد تكون هذه الأرقام غير دقيقة باعتبار أن مؤسسات دولية تشير إلى أن عدد الجزائريين في صفوف داعش بلغ 350 عنصراً، لكنه يظل رقما ضئيلا مقارنة مع أعداد جنسيات أخرى، بما فيها الجنسيات القريبة جغرافياً للجزائر كتونس والمغرب وليبيا، ومقارنة مع خبرة الجزائريين وسوابقهم في التواجد في ساحات القتال خارج الجزائر، سواء في أفغانستان أو في العراق بعد الغزو الأميركي.

وكان هنالك عاملان لعبا دوراً حاسماً لصالح تقليص عدد الجزائريين في صفوف تنظيم داعش، العامل الأول هو تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب على صعيد تفكيك الخلايا النائمة ورصد أي تحرك لهذه الخلايا باتجاه استقطاب أو تجنيد الشباب، ومراقبة شبكات التواصل الاجتماعي التي انتبهت الأجهزة الأمنية والسلطات في الجزائر إلى دورها الفاعل في عمليات التجنيد، والعامل الثاني يرتبط بالتحفز المبكر للجزائر في مجال مراقبة المساجد والمؤسسات الدينية التي كانت تمثل في دول أخرى منطلقاً لاستقطاب مجندين جدد لصالح التنظيمات المتطرفة، إذ عملت الجزائر، في فترة التسعينيات مع تنامي نشاط الجماعات المتطرفة في البلاد، على تأميم كافة المساجد والمؤسسات الدينية ومنع أي نشاط للأئمة المتشددين، وتحصين المساجد الجزائرية من أي اختراق للأفكار المتطرفة.

لكن انحسار تنظيم داعش وهزيمته الثلاثية في الموصل في العراق وفي سرت الليبية وفي سورية، بعث مخاوف جدية لدى أجهزة الأمن الجزائرية بشأن إمكانية عودة المقاتلين من ساحات التوتر هذه. وتبدو أجهزة الأمن الجزائرية، خاصة في المطارات والمعابر الحدودية البرية مع تونس وليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي، متحفزة لذلك، إذ وضعت في الاعتبار إمكانية لجوء مقاتلين جزائريين أو تونسيين إلى العودة عبر مسارات غير تقليدية، كالعودة عبر مالي أو النيجر أو موريتانيا، في محاولة للتمويه على تواجدهم السابق في ساحات القتال.

لكن اللافت، بحسب مصادر أمنية مسؤولة، أن "الجزء الأكبر من التحفز الأمني الجزائري بشأن عودة المقاتلين، لا يرتبط بعودة المقاتلين الحاملين للجنسية الجزائرية"، حيث تتزايد المخاوف من عودة محتملة للمقاتلين التونسيين البالغ عددهم ما يقارب الثلاثة آلاف مقاتل، خاصة أن التقارير والتحريات السابقة بينت أن عددا منهم اتخذ مسار الجزائر ثم تركيا كطريق للوصول إلى سورية، قبل أن تنتبه السلطات الجزائرية إلى ذلك نهاية 2014.

وترتبط المخاوف الجزائرية إزاء عودة المقاتلين التونسيين بمخاوف من تصاعد النشاط الإرهابي في تونس، في حال عودتهم وإفلاتهم من الأجهزة الأمنية التونسية، والتحاقهم بالمجموعات التي تنشط في مناطق الشعانبي وقفصة والقصرين قرب الحدود التونسية الجزائرية، ما يشكل عبئا أمنيا وعسكريا على الجزائر.