أهداف العبادي وراء الظهور الإعلامي: التصويب على عبدالمهدي؟

15 أكتوبر 2019
نائب: الظهور المتكرر للعبادي يؤكد سعيه لتحقيق عدة أهداف(Getty)
+ الخط -
على نحو متسارع يكرر زعيم "تحالف النصر"، رئيس الحكومة السابقة حيدر العبادي ظهوره الإعلامي، بالتزامن مع موجة التظاهرات التي اجتاحت بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، والتي أحرجت حكومة عادل عبدالمهدي وضيقت الخناق عليها، ومع كل خروج إعلامي للعبادي يثار عدد من الأسئلة المحرجة والانتقادات لحكومة عبدالمهدي، حتى على مستوى الوعود التي يطلقها الأخير بالقيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد وتلبية مطالب المتظاهرين.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه مسؤولون عن رغبة العبادي في التسويق لنفسه مجددا كرئيس وزراء لحكومة إنقاذ بحال أُطيح بالحكومة الحالية، مستندا إلى رصيده السابق في إدارته البلاد لأربع سنوات بشكل اعتبر جيدا بين 2014 ولغاية 2018، تؤكد أطراف سياسية مختلفة بينها مقربة منه أن الرجل أشهر بوجهه فيتو إيراني، على غرار إياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق.

ووفقا لنائب في البرلمان العراقي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الظهور المتكرر لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وبشكل متصاعد، يؤكد سعيه لتحقيق عدة أهداف أولها "ضرب خصومه السابقين الذين ساهموا في إبعاده عن الولاية الثانية، وأبرزهم فالح الفياض وهادي العامري وقيس الخزعلي باعتبارهم أبرز الداعمين لحكومة عادل عبد المهدي"، وتابع "الإيرانيون وضعوا طابعاً على العبادي"، وذلك في تعبير عن رفضهم ترشحه لأي منصب سيادي وتنفيذي في البلاد.

وبين النائب أن العبادي خالف توجهات ورغبات إيرانية في العراق خلال فترة حكومته بين 2014 و2018 وهذا هو السبب الرئيس، لذا حضوره الإعلامي الكثيف هذه الأيام يهدف أولا لضرب خصومه وثانيا للبقاء ضمن صورة الأشخاص الأكثر قربا من توجهات الشارع العراقي خاصة الجنوبي، وكذلك للظهور كرئيس وزراء جاهز وله خبرة وتجربة ناجحة سابقا.

وبحسب النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه فإن خمسة أو ستة تصريحات ولقاءات في الأسبوع الواحد بالنسبة لأي سياسي عراقي من الخط الأول تعني أنها "ليست صدفة بل خطوات مدروسة سلفا".

لهجة العبادي في تصريحاته واقتراحاته، تهدد بقاء الحكومة الحالية، حيث دعا أخيرا إلى "إجراء انتخابات مبكرة وتعديل قانون الانتخابات، وإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين"، مشددا في تصريحات جديدة له أمس الاثنين، على أنه يجب على الأحزاب المشاركة بالانتخابات أن "تتعهد بتشكيل حكومة مستقلة وإنهاء المحاصصة، وأن تقدم الحكومة الجديدة المنتخبة حزم إصلاح شاملة لبناء الدولة".

كما دعا العبادي إلى "الاعتذار إلى الشعب، وإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين وإيقاف عمليات المطاردة، وضمان التعويض ورد الاعتبار للأفراد والمؤسسات الإعلامية، مع ضمان حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي"، مؤكدا على "تشكيل محكمة قضائية مستقلة لحسم ملفات الفساد والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة على ألا يتجاوز سقفها العام 2020، مع تعديل قانون الانتخابات".


عامل ضغط

ووفقا لمراقبين، فإن تصريحات العبادي ممكن أن تكون عامل ضغط كبير، بخاصة أن الرجل يمتلك معلومات كثيرة عن ملفات فساد وانتهاكات إنسانية وقانونية ارتكبت في السنوات الماضية وتتعلق بشخصيات باتت الآن بموقع الخصومة منه، منهم رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي.

ويرى الكاتب والباحث السياسي العراقي أحمد الحمداني بحديث لـ"العربي الجديد"، أن عدم الرد على العبادي رغم تصعيده ورفع سقف انتقاداته للحكومة "قد يكون تجنبا من الحكومة لاستفزازه أكثر كونه يملك ملفات ممكن أن ترفع نقمة الشارع العراقي على هذه الحكومة لو كشف عنها".

وبين الحمداني أن العبادي كسب في تصريحاته هذه شرائح مختلفة من الشارع العراقي مع انطلاق "فورة التظاهرات"، مستدركا بالقول "يبقى الفاعل الإيراني في العراق هو الأهم وعلى ما يبدو الإيرانيون لا يرغبون بالتعامل مع العبادي كرئيس وزراء مجددا".

النائب عن تحالف "سائرون"، البرلماني صباح طلوبي، قال إن الكتل السياسية ستجد بديلا لعبد المهدي، في حال استقال من منصبه، "إلا أن هذا لن يحدث لأسباب كثيرة". معلقا حول عودة العبادي مجددا كرئيس للوزراء بأن "البلاد لا تتحمل إعادة رئيس حكومة سابق إلى منصبه، وأن العبادي لن يعود مجددا"، بحسب تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام محلية عراقية.

وتشير تسريبات إلى وجود مباحثات لم ترتق حتى الآن إلى أن تكون مفاوضات جدية بين كتل سياسية عدة من بينها "ائتلاف النصر" بزعامة حيدر العبادي لتشكيل تحالف جديد داخل البرلمان بهدف خلق حالة توازن جديدة للضغط على الحكومة الحالية، وكذلك التهيئة للدخول في انتخابات مجالس المحافظات المقررة في نيسان العام المقبل على شكل تحالفات متفاهمة للظفر بالحكومات المحلية فيها، خاصة مدن جنوب ووسط البلاد، التي تعتبر الثقل الانتخابي الأكبر للقوى السياسية في العراق.

يأتي كل ذلك في وقت تسعى فيه حكومة عبد المهدي إلى تهدئة التظاهرات، من خلال وعود أطلقتها، باتت تعرف بالحزم الإصلاحية، وتنحصر غالبيتها بقرارات تتعلق بالمتظاهرين، مثل الوظائف والقروض الميسرة وتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة، وتوزيع أراضٍ سكنية، وتأهيل مصانع متوقفة، وإطلاق منح مالية للعاطلين من العمل، ومراجعة القضاء لقضايا فساد في الدولة، مع استمرار مشاورات رئيس الوزراء لإجراء تعديل وزاري ثان على حكومته.