القمة الأفريقية الفرنسية في باماكو: باريس تبحث استعادة دورها

13 يناير 2017
لم ينجح الوجود العسكري الفرنسي باستئصال المتطرفين(باسكال غيو/فرانس برس)
+ الخط -


تحتضن العاصمة المالية باماكو، ابتداء من اليوم الجمعة، الدورة السابعة والعشرين للقمة الأفريقية الفرنسية، بعد مرور 12 عاماً على آخر دورة عُقدت عام 2005، وسيحضرها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، وحوالى 40 شخصية من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية بالإضافة إلى الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. تبحث هذه القمة مستجدات الأحداث التي تعصف بالقارة الأفريقية وعلى رأسها الأمن ومحاربة الإرهاب الأصولي وقضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى عدد من الأزمات التي تشهدها بلدان أفريقية عديدة مثل السودان والصومال ونيجيريا. كما تحضر في هذه القمة قضايا التعاون الاقتصادي بين فرنسا والبلدان الأفريقية.
وتنعقد القمة وسط إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة، نظراً لمشاركة عدد كبير من الشخصيات الدولية المرموقة، وأيضاً بسبب الأوضاع الأمنية الهشة في باماكو التي تعاني من شبح التهديدات الإرهابية. وجنّدت السلطات المالية بالتنسيق مع فرنسا أكثر من 10 آلاف رجل أمن منهم 700 عنصر من القوات الخاصة، مكلفين بالسهر على حماية الرؤساء وقادة الدول.
وتواجه هذه القمة انتقادات شديدة، خصوصاً من منظمات المجتمع المدني، التي يرى بعضها أن مجرد عقد قمة بين الدول الأفريقية والمستعمِر الفرنسي السابق يعكس "الواقع الاستعماري الجديد" الذي تعيشه المستعمرات الفرنسية السابقة، وتَواصُل سياسة الوصاية الفرنسية على الدول الأفريقية. ويعتبر المنتقدون أن هذه القمة مجرد واجهة سياسية لا تعود بالنفع على الدول الأفريقية وتكرس التدخّل العسكري الفرنسي في القارة السمراء عبر القواعد العسكرية الفرنسية والوجود العسكري في دول منطقة الساحل، مالي، تشاد، النيجر، موريتانيا وبوركينا فاسو، في إطار عملية "برخان" تحت "ذريعة محاربة الإرهاب".
ويعتبر المناهضون للقمة أن انعقادها في العاصمة المالية هو دليل على فشل السياسة الفرنسية في أفريقيا، في الوقت الذي يحاول فيه هولاند جعل مالي رمزاً لـ"نجاحاته الأفريقية" منذ التدخّل الفرنسي في شمال مالي عام 2013. فإذا كان الوجود العسكري الفرنسي نجح في منع المتطرفين الإسلاميين من إقامة دولة لهم في شمال مالي، فإنه لم ينجح في استئصالهم بعد أن تبنّوا استراتيجية حرب العصابات، ولا تزال هجماتهم وعملياتهم متواصلة ووصلت إلى قلب مالي وبعض العواصم الأفريقية الأخرى.


كما أن الدعم الفرنسي للرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، الذي تُلطِخ سمعته اتهامات كثيرة بالفساد، يُظهر المأزق الأفريقي للسياسة الفرنسية، التي تُساند أنظمة سياسية فاسدة تحتكر السلطة والمساعدات الأجنبية وتناهض الانفتاح الديمقراطي على المعارضة، مثلما هو الحال في تشاد التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا.
ومن بين الأهداف الرئيسية الفرنسية في هذه القمة، محاولة استعادة الدور الاقتصادي أفريقياً في سياق انحسر فيه الوزن الاقتصادي الفرنسي في القارة السمراء لصالح الصين والهند وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وبعض البلدان النامية، مثل المغرب الذي بات له حضور اقتصادي وازن في عدد من الدول الأفريقية السمراء. وبسبب هذا التمدد الاقتصادي الدولي المتصاعد في أفريقيا، فقدت فرنسا دورها الريادي كمانح مالي وشريك أول للبلدان الأفريقية، كما فقدت باريس أسواقها التقليدية في مجالات الاتصالات والشحن والموانئ والسكك الحديدية والإعمار بسبب المنافسة الصينية وأسعارها المتدنية، ما أثر سلباً على حجم الصادرات الفرنسية إلى أفريقيا، إذ تراجعت نسبتها في منطقة الفرنك الأفريقي، ساحة النفوذ الفرنسية بامتياز، بنسبة 50 في المائة منذ عام 2007. ومن أجل تدارك هذه الإشكالية، يصطحب هولاند معه وفداً من رجال الأعمال وأرباب الشركات، على رأسهم رئيس منظمة أرباب العمل الفرنسية، بيار غاتاز، الذي أقر أخيراً، أنه لا يعرف أفريقيا بشكل جيد، وأن "الفرنسيين اختفوا من ساحة المنافسة الاقتصادية الأفريقية".