ليبيا: حفتر يواصل خرق "وقف إطلاق النار".. وغموض بشأن محادثات الحل

28 فبراير 2020
انتقادات للبعثة الأممية (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

لا يزال الغموض يواجه مسار مفاوضات الحل الليبي التي تستضيفها العاصمة السويسرية جنيف، وسط استمرار الخروقات من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر لقرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار.

وبينما تسمع أصوات المدفعية منذ الساعات المبكرة لصباح اليوم الاثنين في محاور جنوب العاصمة، أعلنت إدارة الملاحة الجوية بالمطار تعليق رحلات المطار مجدداً إلى شعار آخر"، بعد أن أعادت حركة الملاحة مساء أمس إثر استهدافه صباح أمس.

وبحسب صفحة عملية "بركان الغضب"، اليوم الجمعة، فإن إدارة مطار امعيتيقة أخلت صالة من المسافرين، وعلقت الرحلات إلى إشعار آخر بعد تعرض المطار لـ"قصف صاروخي" جديد من قبل قوات حفتر.

من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، لـ"العربي الجديد"، أن "ما يسمع حاليا هو أصوات المدفعية المتبادلة بين الطرفين"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد أي تقدم على الأرض أو اشتباكات مباشرة".


وبينما أكد المدني أن قوات الحكومة تحاول الرد على مصادر النيران التي استهدفت المصادر بعدة صواريخ اليوم الجمعة، قال سكان من منطقة سوق الجمعة، المجاورة للمطار، لـ"العربي الجديد"، إن قرابة 10 صواريخ غراد سقطت على أجزاء مختلفة من المنطقة، فيما لم يتبين حتى الآن حجم أضرارها.

ومع استمرار الخروقات، تتواصل بالتزامن المناورات التي يبدو أنها تمكنت من عرقلة إطلاق محادثات المسار السياسي، التي بدأت الأربعاء الماضي في جنيف برعاية البعثة الأممية في ليبيا. 

واستنكرت قوى عسكرية ومدنية من طرابلس "تفرد البعثة الأممية بالقرار السياسي في كل ما يتعلق بليبيا"، مشيرة إلى أن البعثة اختارت أعضاء مجموعات الحوار "من فئة لا تمثل كل الشعب الليبي"، دون أن تذكر أسماء هذه المجموعات.

وطالب البيان، الذي شاركت فيه المنطقة العسكرية لطرابلس وعمداء بلديات طرابلس، وقادة أمنيون، ومديرية أمن طرابلس، ومؤسسات من المجتمع المدني، ونشرته صفحة "قوة حماية طرابلس" ليلة أمس، البعثة بضرورة "وجود تمثيل حقيقي لليبيين ينبع من اختيارهم من النقابات والاتحادات ومؤسسات المجتمع المدني".

وبينما استنكر البيان أيضاً موقف بعض الدول التي قال إنها "تعرقل تنفيذ ما اتفق عليه في اتفاق الصخيرات، خصوصا الترتيبات الأمنية، والعمل على تقويضه وإفشاله"، عبر عن ترحيبه بـ"الاتفاقات الدولية، والتي لا تخل بسيادة الدولة الليبية".

من جانبها، دعت رئاسة مجلس النواب المجتمع بطبرق، أعضاء المجلس لحضور الجلسة الرسمية التي ستعقد الاثنين المقبل.

وأوضحت رئاسة المجلس، في بيان لها في وقت متأخر من ليلة أمس، أن الجلسة سيتم خلالها مناقشة "تداعيات المسار السياسي للحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتجاوزات البعثة الأممية تجاه السلطات الشرعية الممثلة لإرادة الشعب الليبي".

وكانت البعثة قد عقدت أولى جلسات محادثات المسار السياسي، الأربعاء الماضي، بمقر الأمم المتحدة في جنيف، بمشاركة 20 شخصية ليبية من النواب والشخصيات المستقلة، دون أن تعلن حتى الآن عن نتائج تلك الجلسة، ولا الأجندة وجدول الأعمال الخاص بالمسار السياسي، وسط تأكيدات من قبل مجلس النواب المجتمع بطبرق أن من شارك في تلك الجلسة "لا يمثلون إلا أنفسهم"، بحسب تصريحات للمتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، وتجديد المجلس الأعلى للدولة في طرابلس لمطالبته للبعثة الأممية بـ"تأجيل المسار السياسي إلى ما بعد الجولة الثالثة من المحادثات العسكرية وإحرازها تقدماً".

وفيما تصرّ البعثة الأممية على استمرار عقد جلسات الحوار السياسي "بمن حضر"، وفق تعبير جان العلم، المتحدث باسم البعثة لـ"فرانس برس"، يرى الباحث السياسي الليبي، عبد الحميد المنصوري، أن صدور بيان يجمع قوى طرابلس المدنية والعسكرية "مؤشر يدل على تكاثر الانقسامات في المشهد الليبي".

واعتبر المنصوري، في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن تفضيل تلك القوى في طرابلس الاستقلال بإصدار بيان يوضح موقفها "يعني عدم رضاها عن مواقف القوى السياسية في العاصمة، وتحديداً حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة، ولذا فضلت أن تعبر عن رأيها"، بحسب قوله.

ويحذر المنصوري من أن تكون مشاركة قوى عسكرية في البيان "خطوة قد تضر بوحدة قرار قادة محاور القتال مع القوى السياسية الحاكمة في طرابلس".

وفي الضفة الأخرى، يتجه موقف حلفاء حفتر، وتحديداً في مجلس النواب المجتمع بطبرق، إلى عرقلة انعقاد جلسات محادثات الحوار السياسي، وشجب موقف المبعوث الأممي الذي اختار خمسة ممثلين من النواب المجتمعين بطرابلس ليكونوا ضمن الوفد الممثل لمجلس النواب، والمكون من 13 عضواً، لكن المحلل السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يعتبر الخطوة "مجرد غطاء سياسي لعرقلة نتائج المسار العسكري، الذي انتهى إلى الاتفاق على "وقف مستدام لإطلاق النار"، بحسب بيان البعثة الأممية إثر انتهاء الجولة الثانية من محادثات المسار العسكري".

ولفت الجواشي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "خطاب قادة حفتر الإعلامي بدأ في ترك كل الأسباب السابقة للهجوم العسكري على طرابلس وتحول إلى اعتبار سبب حملته العسكرية تحرير البلاد من الغزو التركي"، في إشارة إلى القوات التركية التي تدعم حكومة الوفاق، وفق الاتفاق الأمني الموقع مع الحكومة التركية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وخلال ثلاثة أيام، صرح قادة قوات حفتر، ومن بينهم المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر أحمد المسماري، بتمكنهم من إسقاط ثلاث طائرات تركية مسيرة، في محاولة لتبرير خرق قرار وقف إطلاق النار واستهداف عدة مواقع في العاصمة طرابلس.

وكان حفتر علّق نجاح محادثات جنيف العسكرية بـ"وقف إمدادات السلاح التركية لطرابلس، وخروج القوات التركية"، بحسب تصريحاته لوكالة الإعلام الروسية الأسبوع الماضي، مضيفاً "في حال لم تتوصل مفاوضات جنيف إلى إرساء السلام والأمن في البلاد.. عندها ستقوم القوات المسلحة (القوات التابعة له) بواجبها للدفاع عن البلاد من الغزاة الأتراك-العثمانيين".

ويرى الجواشي في كلام حفتر "مبرراً جديداً يحاول من خلاله تسوّل موقف دولي يبرر له استئناف عملياته العسكرية، خصوصاً من الدول الرافضة للتقارب بين تركيا وحكومة الوفاق".​