أجرى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، اليوم الخميس، تعديلاً واسعاً على تشكيلة حكومته، لترميم فريقه الوزاري ورأب الصدع الذي أصاب حكومته في الفترة الأخيرة، بهدف عودة الانسجام للفريق الوزاري وإطالة عمر حكومته، التي تواجه انتقادات شعبية واسعة بسبب تردي المستوى المعيشي للمواطنين.
وطلب الرزاز، الاثنين الماضي، من أعضاء فريقه الوزاري تقديم استقالاتهم تمهيداً لإجراء التعديل على حكومته، مشيرا إلى أنّ التعديل يأتي استحقاقاً لمتطلّبات المرحلة المقبلة.
وصدرت إرادة ملكية اليوم، بالموافقة على إجراء تعديل على حكومة الرزاز، وجاء فيها تعيين محي الدين شعبان توق وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، وتيسير منيزل النعيمي وزيراً للتربية والتعليم، وصالح علي الخرابشة وزيراً للبيئة، وإبراهيم صبحي الشحاحدة وزيراً للزراعة، ومحمد محمود العسعس وزيراً للمالية، وأمجد عودة العضايلة وزير دولة لشؤون الإعلام، ومحمد أحمد الخلايلة وزيراً للأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وباسم محمد الطويسي وزيراً للثقافة، وفارس عبد الحافظ البريزات وزيراً للشباب، ووسام عدنان الربضي وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي، وخالد وليد سيف وزيراً للنقل.
كما صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على قبول استقالة الوزراء: وزير رجائي صالح المعشر نائب رئيس الوزراء ووزير دولة، عبدالناصر موسى أبو البصل وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وعزالدين محي الدين كناكرية وزير المالية، وجمانة سليمان غنيمات وزير دولة لشؤون الإعلام، إبراهيم صبحي الشحاحدة وزير الزراعة وزير البيئة، وأنمار فؤاد الخصاونة وزير النقل، محمد سليمان أبو رمان وزير الثقافة ووزير الشباب، محمد محمود العسعس وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير دولة للشؤون الاقتصادية.
وبهذا طاولت التغيرات 11 حقيبة وزارية، فقد شهد التعديل الجديد فصل وزارات دمجت سابقاً مثل التربية والتعليم العالي والثقافة والشباب والبيئة والزراعة لعدم نجاح تجربة دمجها، وتم إجراء مناقلات لبعض الوزراء وتكليفهم بحقائب جديدة غير حقائبهم السابقة مثل وزير التخطيط محمد العسعس، الذي تولى حقيبة وزارة المالية بدلاً من التخطيط، فيما احتفظ ابراهيم الشحاحدة بحقيبة وزارة الزراعة، بينما تم فصل وزارة البيئة وتولاها الوزير صالح الخرابشة، وبذلك دخل إلى الحكومة 10 وزراء جدد، وخرج منها 6 وزراء.
ولا تحمل التشكيلة الجديدة أي تغير ذي مدلول سياسي، لكنها تحمل أشخاصاً مختلفين وبعض الأسماء الجديدة، لتنفيذ المهام الوظيفية المنوطة بهم في إطار النهج ذاته الذي يطالب الشارع الأردني بتغيره، لكن في غياب الحكومات البرلمانية تتغير الأسماء، ويبقى الواقع كما هو.
وتسببت استقالة وزير التربية والتعليم العالي وليد المعاني، في إفساد محاولة الرزاز التحضير للتعديل على مهل، رغم غياب الانسجام بين أفراد الطاقم الوزاري خلال الفترة الأخيرة، ويأتي التعديل قبل انعقاد الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الأردني، والتي تبدأ في العاشر من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، والتي من المنتظر أن تشهد مواجهة حكومية نيابية محتدمة، بسب قرب انتهاء عمر المجلس النيابي.
ولم تسلم حكومة الرزاز منذ تشكيلها من متلازمة التعديل بإدخال وزراء وإخراج آخرين أو دمج وزارات أو فصلها، وبالمعدل يجري الرزاز كل 5 أشهر تقريبا أو أقل تعديلا على حكومته، وهذا مؤشر على غياب حسن الاختيار، ويكشف عن عدم التجانس الذي يصيب الحكومة التي تشكل بدون أسس واضحة، كما يستخدم التعديل عادة كوسيلة للفت الانتباه وإلهاء عامة الناس بحدث يبعث على التوقعات ما يساهم في شراء الوقت، وتشتيت الأنظار.
وأصبح الرزاز الذي يُحسب على التيار الليبرالي منذ عام تقريباً تحت نيران الغضب الشعبي الأردني، بعد أن تحطمت الآمال المعلقة عليه، فالغضب الشعبي له مبرراته الموضوعية، بسبب تراجع مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم.
لكن من الواضح أن خيار التعديل الوزاري في الوقت الحالي كان هو الأنسب، فالتغيير الحكومي لا يتناسب مع الأجندة الدستورية، والأوضاع الإقليمية، في ظل عدم وجود بدائل موضوعية يمكن الرهان عليها بتغير الأوضاع وتحقيق الإصلاح المطلوب، فجاء التعديل كحل مؤقت لإطالة عمر الحكومة.
وتبقى آلية تعديل الحكومات في الأردن، التي ترتبط بشكل أساسي بمزاج الرئيس ومؤسسات الدولة النافذة، لا تحكمها قوانين أو أعراف سياسية وتقاليد ثابتة، ما يجعلها عرضة للهجوم من قبل كافة الأطراف، سواء كانت هذه الأطراف صاحبة مواقف وبرامج، أو صاحبة نفوذ ومصالح آنية.
يشار إلى أنّ هذا هو التعديل الرابع على حكومة الرزاز الذي أجرى سابقا ثلاثة تعديلات وزارية، حيث أجرى الرزاز التعديل الأول على فريقه الوزاري في 11 أكتوبر/تشرين الأول، وشمل 10 وزراء، وتضمن دمج 6 وزارات، فيما أجرى التعديل الثاني في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، وشمل 4 حقائب بينها السياحة والتربية بعد استقالة الوزيرين، إثر رحلة مدرسية إلى البحر الميت توفي فيها 22 شخصا، غالبيتهم تلاميذ، بعد أن جرفتهم سيول سببتها أمطار غزيرة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.
أما التعديل الثالث فكان في 9 مايو/أيار 2019، ليشمل تعيين 8 وزراء، ومغادرة 7 وزراء، إضافة إلى استحداث وزارتي الإدارة المحلية، والاقتصاد الرقمي والريادة.
وتشكلت حكومة الرزاز خلال شهر يونيو/حزيران 2018 بعد استقالة حكومة هاني الملقي، في 4 يونيو 2018 على خلفية الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية المناهضة لقانون الضريبة، وقد أدت الحكومة اليمين الدستوري في 14 يونيو 2018 بعدد 28 وزيرا منهم 15 وزيرا من الوزارة السابقة.