بشار الأسد... حجر العثرة بين بوتين وترامب في سورية

02 اغسطس 2017
يسعى بوتين لتعزيز اتفاقه مع ترامب (شاؤول لوب/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أنّ حملتها العسكرية منعت انهيار نظام بشار الأسد، إلا أنّ روسيا ترى أنّ بساط تأثيرها على  الأسد ينسحب من بين يديها، في وقت يسعى فيه الرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز اتفاقه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن سورية.

وسعياً منها إلى استعادة فاعليتها، ترفض روسيا تزويد نظام الأسد بالغطاء الجوي، لبدء حملة عسكرية على آخر معقل للمعارضة في إدلب شمالي سورية، بحسب ما يكشفه نواب روس ومستشارون للكرملين، لوكالة "بلومبيرغ".

وتهدف استراتيجية موسكو، إلى تعزيز جهودها الرامية لإنشاء مناطق "تخفيض التصعيد" في سورية، وفرض وقف كامل لإطلاق النار، إلا أنّ ذلك تسبّب في زيادة الصدع مع نظام الأسد، وفقاً لمسؤولين.

وفي الوقت عينه، يقول المسؤولون إنّ استراتيجية موسكو بشأن هذه المناطق، تبدو مزعزعة، لا سيما وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة، والتي دعمت بدورها حتى الآن الخطوات الروسية في سورية، كجزء من التركيز الدولي على أولوية هزيمة تنظيم "داعش".

ومع مرور عامين على بدء التدخل الروسي دعماً للأسد في سورية، تواجه موسكو معضلة في إجبار رئيس النظام على قبول دور رمزي في اتفاق لتقاسم السلطة، ينهي الأزمة المستمرة منذ 6 سنوات، ويضفي الشرعية على الوجود العسكري لها.

ومع تعزّز قبضة رئيس النظام على السلطة، يبدي الأسد ممانعة في تقديم أي تنازلات في محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والتي ستستأنف في جنيف الشهر المقبل.

وفي هذا الإطار، يصف أندريه كورتونوف رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مجموعة بحثية مقرها موسكو أنشأها الكرملين، علاقات روسيا مع الأسد بأنّها "متوترة الآن"، مع شكّها بأنّ الأخير يعرقل عمداً المفاوضات الجامدة منذ فترة طويلة في جنيف.


العين على إدلب

وتدفع قوات الأسد قوتها حالياً نحو مدينة دير الزور الاستراتيجية شرقي سورية، والتي يحاصرها تنظيم "داعش" منذ عام 2015. وتتيح المدينة السيطرة على الحدود مع العراق، فضلاً عن النفط والأراضي الزراعية الغنية. وفي حال تم الهجوم، فإنّه سيمكّن قوات النظام من صبّ حملتها على إدلب في الشمال الغربي، على الرغم من أنّ حملة كهذه لن تكون ممكنة، إلا بمساعدة القوة الجوية الروسية.

وبهذا الخصوص، يقول فراس أبي علي، كبير محللي الشرق الأوسط في "كانتري ريسك"، لـ"بلومبيرغ"، إنّ "الروس يرغبون في إظهار علو كلمتهم على وكيلهم". وأضاف "لكن الأسد لن يخضع في حال لم يتلق ضربة... إنّه لن يفعل ذلك في وقت يحقق فيه مكاسب على الأرض".

ويرى أبي علي، أنّ الأسد، ومع تعزّز قوة "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب، وتركيز كل من مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من واشنطن، وقوات النظام، على قتال "داعش" في عدة جبهات، سيسعى إلى تصوير مدينة إدلب بأنّها تحت قبضة "الإرهابيين" الذين يجب طردهم منها.

ويقول المحلل السياسي، إنّ "الاستراتيجية الروسية لا تسير نحو السماح للأسد بالاستيلاء على إدلب بعد"، مضيفاً أنّ "استراتيجية الأسد بشأن إدلب تقوم على الانتظار حتى يتولّى الجهاديون السيطرة الكاملة عليها".

وفي السياق، تقول إيلينا سوبونينا، خبيرة الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، والذي يقدّم استشارات للكرملين، إنّ "أي هجوم جديد وكبير من قبل قوات الحكومة السورية لن ينجح بدون دعم القصف الروسي من الجو".

وتتابع: "لقد أخطأت القيادة السورية في تقدير ما إذا كانت روسيا ستقدّم لها المساعدة للسيطرة إدلب، كما فعلت في حلب"، مضيفة أنّ "موسكو قررت كبح جماح المتهورين في دمشق، لأنّ الأولوية الآن ليست القبض على إدلب".




الموقف الأميركي

في 24 تموز/ يوليو الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقف برنامج وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الذي كان يوفّر ما وصفها ترامب "أسلحة ضخمة وخطيرة ومهدرة" للمعارضين السوريين الذين يقفون في وجه الأسد.

وفي لقائهما الأول بقمة مجموعة العشرين، الشهر الماضي، توصّل ترامب وبوتين إلى اتفاق أميركي روسي مع الأردن، لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، بالقرب من الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي الوقت عينه، تلقى سياسة ترامب للتعاون مع روسيا، معارضة شديدة، من قبل المشرعين الأميركيين، من كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذين أقروا، الأسبوع الماضي، قانوناً لتعزيز العقوبات على موسكو، يمنح الكونغرس سلطة منع ترامب من رفعها.

وأشار البيت الأبيض، إلى أنّ ترامب سيوقّع على مشروع القانون، ويتجنب احتمال تجاوزه إذا ما اعترض على التشريع، في وقت ردّت فيه روسيا بدعوة الولايات المتحدة إلى خفض 755 موظفاً، أو ما يقرب من الثلثين، من بعثتها الدبلوماسية في موسكو، كنوع من التدابير المضادة.

إلا أنّ بوتين أشاد في الوقت عينه، باتفاق وقف إطلاق النار الذي توصّل إليه مع الولايات المتحدة في جنوب سورية، قائلاً، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، إنّ القوى المتنافسة "تعمل معاً وتحقق نتائج حتى الآن، حتى في ظل هذا الوضع الصعب نوعاً ما".

ووسط هذه الأجواء، يقول ثلاثة دبلوماسيين غربيين في موسكو، رفضوا الكشف عن هويتهم، لـ"بلومبيرغ"، إنّ "روسيا تبدو جادة في منع تصاعد القتال الذي من شأنه تهديد الجهود الرامية إلى إقامة مناطق لتخفيف التصعيد" في سورية.

بيد أنّ مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى، أعرب في الوقت ذاته، عن شكوكه في قدرة بوتين على كبح جماح الأسد.

ويقول فرانتس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي (المجلس الأعلى في البرلمان "الدوما")، لـبلومبيرغ" إنّ روسيا تحث الأسد على الامتناع عن القيام بأي "خطوات متهورة"، تمسّكاً منها بأمل قدرتها على التأثير.