مقاطعة مجموعات دي ميستورا الخيار الأكثر ملاءمة للمعارضة

04 أكتوبر 2015
التنسيق ضعيف بين الائتلاف والفصائل العسكرية (الأناضول)
+ الخط -
اختار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الانضمام إلى الفصائل العسكرية وتوحيد القرار بشأن رفض المشاركة في مجموعات العمل الأربع التي نصّت عليها خطة المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، والتي جرى اعتبارها إعادة لإنتاج النظام السوري الحالي بصيغة جديدة وإعطاء دور لمن تلطخت أيديهم بدماء السوريين في المرحلة الانتقالية، بحسب البيان المشترك الصادر عن المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري.

ويبدو أن الازدواجية في التعاطي مع الدور الروسي في سورية، لجهة السكوت الدولي عن التدخل الروسي المباشر لصالح النظام، وفي الوقت نفسه إعطاء روسيا الضوء الأخضر بالتدخل كوسيط في طرح حل سياسي للقضية السورية، قد جعلت المعارضة السياسية في سورية أمام خيارين صعبين، إما القبول بالمبادرات الدولية بما تتضمنه من تقديم المزيد من التنازلات والتخلي عن مقررات جنيف، وإما مقاطعة هذه المبادرات، والظهور بمظهر غير المتعاون مع الجهود الدولية.

ويبدو أن الائتلاف قرّر الذهاب باتجاه الخيار الثاني، والتوجّه نحو الفصائل العسكرية الفاعلة على الأرض ومحاولة توحيد جهودها وتسويق نفسه كممثل سياسي لها، ما يعطي قوة لتلك الفصائل ككتلة متماسكة بحامل سياسي، كما يُقوّي في الوقت ذاته من موقف الائتلاف أمام الجهات الدولية، وفي جلسات التفاوض في حال حصلت، ويجعله أكثر قدرة على فرض شروطه كونه مرتكزاً على قوة كبيرة وفاعلة على الأرض تمكّنه من تطبيق مخرجات أي اتفاق يقوم به.

ومما زاد من محدودية الخيارات أمام المعارضة السورية، الانقسام الداخلي والتشرذم بين صفوفها السياسية والعسكرية والثورية، والذي ترافق أخيراً مع تراجع الدول الصديقة عن شرط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد وقبوله في المرحلة الانتقالية كجزء من الحل.

اقرأ أيضاً: أطراف المعارضة السورية السياسية والمسلحة ترفض مبادرة دي ميستورا

وعلى الرغم من صعوبة قرار القوى السياسية والعسكرية برفض خطة دي ميستورا، إلا أنها عاجزة عن الموافقة والمشاركة في مجموعات العمل في وضعها الحالي، والتي تتطلب فريقاً قوياً ومتماسكاً وله قرار مركزي يستطيع مجابهة كتلة النظام. ويدرك الائتلاف والفصائل العسكرية تماماً أن مشاركتهما ستكون انتحاراً أمام النظام السوري، فالتنسيق بينهما لا يزال ضعيفاً والقرار يصدر بعد مخاض عسير ولم تتكوّن رؤية موحّدة لمستقبل سورية وللحل السياسي فيها. كما أن هناك أطيافاً أخرى من المعارضة السياسية ستشارك إلى جانب فريق المعارضة، كهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي التي وافقت على المشاركة، لم يتم التواصل معها والتشاور حول المفاوضات داخل مجموعات العمل.

وبالتالي فإن المشاركة تحتاج تنسيقاً وتواصلاً دائماً وتجهيز فريق من الخبراء، وهذا ما لا تملكه المعارضة السورية في الوقت الحالي، ما دفع بها إلى رفض هذا الخيار الذي سيكون محرقتها الأخيرة.

وعلى الرغم من أن قرار المقاطعة يدفع بالمعارضة السورية لأول مرة للوقوف بوجه الأمم المتحدة وعرقلة الحل السياسي، إلا أنه يبدو الأكثر ملاءمة لوضعها الحالي والأسهل تنفيذاً، كون خطة دي ميستورا تزامنت مع التدخل العسكري الروسي وبدء الضربات الجوية على مواقع الفصائل العسكرية واهتمام الولايات المتحدة والدول الغربية بهذا التدخل، وفي الوقت نفسه تقويض الروس لعملية الحل السياسي، الأمر الذي يقوّي موقف المعارضة برفض الخطة كون التدخل الروسي جاء للمحافظة على النظام ومنع سقوطه.

أما النظام السوري المنتشي بالتدخّل العسكري الروسي، فقد وافق على المشاركة في مجموعات العمل والانخراط فيها، بعد إعلان وزير خارجيته وليد المعلم عن قبول المشاركة وبدء تجهيز أسماء الخبراء لإرسالها لفريق المبعوث الدولي على الرغم من امتعاضه من أسماء بعض الميسّرين للجلسات وطلبه من دي ميستورا تغييرها، بحسب تسريبات سابقة وصلت إلى "العربي الجديد".

قرار عدم مشاركة الائتلاف والفصائل العسكرية في مجموعات العمل الأربع لن يثني دي ميستورا عن متابعة خطته وهو مُطالب بعد 90 يوماً من إصدار بيان مجلس الأمن، بتقديم أول تقرير له حول نتائج المجموعات، ومن المتوقّع أن تبدأ المجموعات عملها في منتصف الشهر الحالي وبانتظار تشكيل مجموعة الاتصال الدولية التي ستعطي الغطاء السياسي للحل.

في حين ستقوم المعارضة السورية، وفق مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، بالهروب إلى الأمام، وتحقيق ما يمكن خلال فترة قصيرة لكسب مزيد من الثقل أثناء العملية السياسية. ولا يوجد أمام الائتلاف والفصائل العسكرية سوى أمرين يمكن تحقيقهما، أولهما السعي وراء تشكيل جيش وطني يضم جميع الفصائل وصاحب قرار مركزي يكسب ثقة أصدقاء الشعب السوري، والسعي لإقناع تركيا ودول خليجية لإنشاء المنطقة الآمنة في شمال سورية والتمركز فيها، بغض النظر عن الموقف الأميركي الذي لا يزال يرفض هذا الطرح، وإعطاء نموذج جيد حول تجربتهم في الإدارة المدنية، وبالتالي تقليل أكبر قدر ممكن من تدفق اللاجئين على أوروبا وتشكيل حليف قوي قادر على محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

اقرأ أيضاً: النظام السوري يعلن استعداده المشاركة في محادثات سلام

المساهمون