وأكد دبلوماسي ليبي رفيع تابع لحكومة الوفاق بطرابلس لـ"العربي الجديد" أن اللقاء جاء بطلب من باريس، سعيا منها لإقناع أطراف دولية بجدوى بقاء حفتر في كواليس ومشاورات البحث عن حل سياسي للأزمة في ليبيا، لافتا إلى أن باريس لم تدع ممثلين عن أي من الطرفين سواء من حكومة الوفاق أو من جانب حفتر.
وكان وزير الخارجيّة الفرنسي جان لودريان، قد أعلن أمس الأحد، عن لقاء سيجمعه بنظيره الإيطالي لويجي دي مايو، لافتا إلى أنه سيأتي للتأكيد على موقف فرنسا من رفض الحل العسكري وضرورة حث الليبيين على الحوار من أجل إيجاد حل سياسي.
وأشارت "فرانس برس" من جانبها إلى أن لقاء لودريان بنظيره الإيطالي سيضم أيضا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وألمانيا والإمارات ومصر وتركيا.
وعن هدف باريس من مساعيها الحالية قال الدبلوماسي إن "عملية حفتر العسكرية التي قوضت مساعي سياسية كانت تشرف عليها الأمم المتحدة لعقد ملتقى غدامس، قللت من وزنه لدى الكثير من الدول"، مضيفا أن "عاملا آخر تمثل في نكسة حفتر العسكرية جنوبي طرابلس رغم نجاح حلفائه ومنهم باريس، في عرقلة صدور أي موقف دولي ضده، ما زاد من انخفاض رصيده لدى عدد من الدول الفاعلة في الملف الليبي".
ولفت الدبلوماسي إلى أن انخراط ألمانيا في الجهود الدولية من أجل صياغة حل سياسي كبديل عن استمرار الصراع المسلح في ليبيا مؤشر يعكس تغير تصورات كثير من الدول حول الأوضاع في ليبيا. وقال "دخول ألمانيا على الخط بشكل معلن وانخراط واشنطن في لقاءات مكثفة مع أطراف محلية ليبية، يعني أن هناك اتجاه لإعادة النظر في قادة الأطراف وعلى رأسهم حفتر".
ومنذ سقوط مدينة غريان نهاية يونيو/ حزيران الماضي التي تشكل قاعدة عملية حفتر العسكرية على العاصمة طرابلس تعيش جبهات القتال مراوحة عسكرية، باستثناء اختراقات تمكنت قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق من فتحها في جدار دفاعات قوات حفتر عند مدينة ترهونة جنوب شرقي طرابلس.
ويبدو أن الحراك الدولي الذي تقوده فرنسا برفقة حلفاءها الداعمين لحفتر لتغيير الاتجاهات الدولية الجديدة الدافعة باتجاه الحل السياسي، ترافقه محاولات عسكرية لحفتر لتحقيق تقدم في أحياء جنوب طرابلس، حيث أعلنت قوات حكومة الوفاق على مدار يومي السبت والأحد الماضيين، صد محاولات لتقدم قوات حفتر في محاور الخلة وعين زاره والسواني.
ولا يزال قادة طرابلس وعلى رأسهم حكومة الوفاق، على موقفهم الرافض للجلوس مع حفتر للتفاوض السياسي، آخرها دعوة المجلس الأعلى للدولة، أمس الأحد، حكومة الوفاق إلى اتخاذ "موقف قوي ورادع تجاه التدخلات السافرة للدول المتورطة في إراقة دماء الليبيين والانقلاب على العملية السياسية في البلاد" والتشديد على رفض حفتر.
ومنذ نهاية أغسطس/ آب الماضي كثف رئيس الحكومة فايز السراج، من لقاءاته مع شرائح ليبية واسعة لـ"صياغة مشروع وطني للحل السياسي"، في محاولة لإيجاد شركاء من الأطياف السياسية والمجتمعية المختلفة بعيدا عن حفتر.
وعن إمكانية نجاح جهود باريس وشركائها يرى الدبلوماسي الليبي أن "استبعاد حفتر في المرحلة الحالية أمر صعب، فهو لا يزال يسيطر على رقعة واسعة من البلاد، لا سيما منابع النفط المؤثرة في أي قرار دولي بشأن ليبيا"، لكنه في الوقت ذاته يرى أن "حفتر لن يكون له دور فاعل في صياغة شكل سياسي جديد للحل فالشعارات التي كان يرفعها كالرجل القوي والمحارب للإرهاب باتت مفرغة من محتواها لدى الكثير من الدول".
وبيّن كذلك أن اللغة التي بدأ يتحدث بها المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، تعكس حديثا دوليا جديدا عن حفتر وتغيرا لصورته في الكثير من العواصم التي كانت تستقبله بشكل شبه رسمي مثل موسكو رغم أنها لم تجازف بالإعلان عن دعمه بشكل واضح كما فعلت باريس وأبو ظبي.