وأصدر تنظيم "داعش"، قبل أيام، تسجيلاً مصوراً حول تنفيذه سلسلة من العمليات في مناطق عدة من البلاد، تضمنت هجمات مسلحة وتفجير عبوات ناسفة وخطف عراقيين وقتلهم. وتضمن التسجيل عمليات قتل مدنيين من أبناء العشائر في غرب وشمال العراق، تحت مزاعم "ردتهم عن الإسلام". كما احتوى التسجيل على مشاهد قطع رؤوس لضحايا مدنيين، يظهر أنهم من عشائر محافظة صلاح الدين التي وقفت إلى جانب القوات العراقية في طرد تنظيم "داعش" من مدن المحافظة عام 2016.
في السياق، يكشف عضو مجلس عشائر الأنبار الشيخ أحمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، عن تشكيل العشائر في المدن المحررة وفوداً عدة عقدت في الأيام الماضية اجتماعات بالقيادات العسكرية والأمنية في تلك المحافظات، بحضور المسؤولين في الحكومات المحلية، بهدف التنسيق معهم لتسليح عدد من أبناء العشائر في المناطق التي تشهد هجمات من قبل تنظيم "داعش". وينوّه الدليمي إلى أن القيادات الأمنية والعسكرية وحتى المسؤولين، أكدوا أن تسليح العشائر من صلاحيات الحكومة المركزية حصراً، وسيبحثون طلبها في بغداد. ويشير إلى أن وفداً عشائرياً كبيراً سيتجه إلى العاصمة للقاء المسؤولين، والحصول منهم على ضمانات كافية لمنع سقوط مزيد من أبنائهم ضحايا الهجمات، أو السماح لأنفسهم بالدفاع عن مناطقهم ولو على سبيل تأخير أو إعاقة المسلّحين لحين وصول القوات العراقية. ويلفت إلى أن "هناك جهات سياسية وأخرى ضمن فصائل مسلّحة معروفة، عملت على فرض ضغوط في وقت سابق لمنع أي تسليح لأبناء العشائر في المدن المحررة، حتى لا يكون لهم دور في حفظ أمنها، من أجل أن يبقى للفصائل نفوذ في هذه المناطق".
لكن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في بغداد، اللواء تحسين الخفاجي، يؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، حريص على حصر السلاح بيد الدولة، وأن الحفاظ على الأمن من واجب القوات المسلحة، وهناك حشد عشائري، ضمن هيئة الحشد الشعبي، وهذا الحشد يمارس مهامه الأمنية مع القطعات الأمنية والعسكرية". ويشدّد على أن "التصدي للإرهاب ليس بحاجة إلى تسليح بل بحاجة إلى تعاون القوات الأمنية والأهالي، وبهذا التعاون ممكن القضاء على الإرهاب من خلال ملاحقته من قبل القوات الأمنية". ويضيف أنه "من غير الصحيح تسليح جميع أفراد الشعب العراقي، خصوصاً أننا نملك قوات أمنية كافية، بالإضافة إلى التحالف الدولي، وكل جهة تقوم بواجبها حسب المهمة المناطة بها".
في المقابل، يحذّر ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، من خطورة تسليح العشائر، بعنوان التصدي لتنظيم "داعش"، معتبراً أنه قد يكون مستقبلاً في وجه الدولة العراقية. ويعتبر القيادي في الائتلاف سعد المطلبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تجربة تسليح العشائر في السنوات السابقة كانت خطأ، ولسنا بحاجة إلى تكرار هذا الأمر، خصوصاً مع وجود الجيش العراقي والشرطة والحشد الشعبي، وجهاز مكافحة الارهاب، وغيرها من القوات الأمنية، كما أن هناك حشداً عشائرياً". ويرى أن "تسليح العشائر بشكل عشوائي خطير جداً، فممكن جداً أن تباع هذه الأسلحة إلى تنظيم داعش، فدعوات تسليح العشائر سياسية"، مستبعداً استجابة حكومة الكاظمي لتلك الدعوات.
يذكر أنه في العاشر من مايو/أيار من العام الماضي، قال قائد عمليات الجيش العراقي آنذاك، المحافظ الحالي لنينوى نجم الجبوري، إن السلطات العراقية قررت تسليح 50 قرية في نينوى من أجل صدّ الهجمات، وذلك عقب اجتماع له مع زعماء القبائل في المحافظة لمناقشة هجمات انتقامية نفذها "داعش" لقبائل ساندت وقدمت الدعم للقوات العراقية في طرد التنظيم من المحافظة عام 2017. غير أن القرار لم ينفذ حتى الآن بسبب اعتراضات قوى سياسية وفصائل مسلحة بحسب أحد وجهاء قضاء البعاج، الشيخ جاسم الشمري الذي يقول: "نتعرض منذ أسابيع لحرب استنزاف من قبل داعش". ويضيف لـ"العربي الجديد"، بأنه في حال لم يتم تسليحهم عليهم أن يضمنوا للناس عدم مهاجمة "داعش" لهم. لا يمكن ترك الناس عزّلاً ومن دون حماية، فكل الهجمات تستمرّ ربع ساعة فقط، ثم يغادرون، وحينها يصل الجيش متأخراً، وكل ما يفعله هو إطلاق النار في الهواء والقول إنه سيطارد عناصر التنظيم.