وساطات لتحريك ملف المصالحة الفلسطينية

01 أكتوبر 2016
عباس رفض لقاء مقربين من دحلان (عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر في حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، لـ"العربي الجديد"، عن أن "هناك مساعي لعقد لقاء قريب في القاهرة، لمناقشة العديد من القضايا العالقة، وفي مقدمتها ملف المصالحة الداخلية، وأعضاء الحركة الأربعة المختطفين داخل الأراضي المصرية".

في هذا السياق، أكدت المصادر أن "الحركة جددت الاتصالات لعقد لقاء القاهرة المؤجل منذ نهاية أغسطس/آب الماضي"، مشدّدة على أن "الحركة لم تتخلّ عن الدور المصري، باعتباره الراعي الرئيسي للقضية الفلسطينية بحكم التاريخ والجغرافيا". وأوضحت أنه "على الرغم من الرسائل السلبية التي حملها التسريب الصوتي الذي أذاعته إحدى الفضائيات أخيراً بين مسؤول الملف الفلسطيني بجهاز الاستخبارات العامة المصري اللواء وائل الصفتي، والقيادي الفلسطيني المطرود من حركة فتح محمد دحلان، وما حمله من إساءات للحركة، إلا أن حماس لا تتعامل مع مثل هذه الأمور غير الرسمية".

ونوّهت المصادر إلى أن "هناك وساطات جديدة قام بها سفراء دول أوروبية في محاولة لتحريك الملف الفلسطيني، وعقد لقاء في القاهرة"، مشيراً إلى أن "روسيا موقفها إيجابي في هذه الجزئية". واعتبرت أن "هناك أطرافاً فلسطينية تسهم بشكل كبير في عرقلة إعادة العلاقات الطبيعية بين الحركة وجهاز الاستخبارات المصري على الأقلّ، والتي اتسمت طوال المراحل السياسية المختلفة بأنها جيدة".

في المقابل، رأت المصادر أنه "في ما يتعلق بمصير الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في ظل رغبة بعض الدول العربية، في مقدمتها الإمارات، بالإطاحة به من المشهد الفلسطيني لصالح دحلان الذي يشغل موقع المستشار الأمني لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ذكرت مصادر دبلوماسية، أن هذا الملف ربما يتراجع تماماً، في ظلّ تلويح عباس بشكل صريح باللجوء لقوى إقليمية أخرى بدلاً من القوى الراهنة التي تتصدر المشهد وفي مقدمتها مصر، برعاية إماراتية".

وتابعت "أن اجتماعاً عربياً على مستوى عالٍ من التمثيل، ناقش مصير عباس، وانتهى بما يشبه التوصيات، التي قناعة بأن التوصل لشخصية مثل الرئيس الفلسطيني في الوقت الراهن أمر صعب، لكونه يملك علاقات بدرجات متفاوتة مع الجميع، بمن فيهم الاحتلال الإسرائيلي". وأردفت بأن "شخصية دحلان الذي يُعدّ البديل المقترح من دول ليس من بينها مصر، صدامية إلى حد كبير، وتحمّله القاهرة السبب الرئيسي لما وصلت له أزمة غزة".

وذكرت المصادر أن "من بين التوصيات أنه طالما هناك صعوبة في إجراء الانتخابات الرئاسية الفلسطينية، فمن الأفضل إغلاق ملف عباس في الوقت الحالي"، كاشفة عن أن "الرأي المصري يميل إلى شخصية أخرى بخلاف دحلان يكون من قيادات فتح المتوافق عليهم، وهذا السيناريو في حال ما إذا أصبح هناك ضرورة ملحة لاستبدال عباس".



في غضون ذلك، لم تنجح مساعي النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، في عقد مصالحة بين عباس ودحلان، حتى اﻵن، اللذين يضعان شروطاً لاستئناف أي محاولات للمصالحة بينهما. ويعتمد دحلان على العلاقة القوية مع جهاز الاستخبارات العامة المصرية، ورغبة السيسي في تولية الرئاسة خلفاً لعباس. وهو أمر تمّ التوافق عليه مع اﻹمارات.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر فلسطينية، أن "عباس رفض لقاء قيادات مقربة من دحلان في القاهرة، خلال تواجده في مصر الشهر الماضي، للقاء السيسي". وتابعت المصادر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "محاولات النظام المصري الحالي وأجهزته فشلت تماماً في إقناع عباس بعقد مصالحة مع دحلان في الفترة المقبلة، تحديداً مع هجوم اﻷخير المستمر عليه، وانحياز القاهرة الصارخ لصالح اﻷول".

وأضافت المصادر أن "محاولات قيادات في جهاز الاستخبارات العامة المصرية، ترتيب جلسة خاصة برعايتها بين الرئيس الفلسطيني ومقربين من دحلان فشلت، ﻹنهاء حالة الانقسام ووأد الخلافات بين الطرفين". وأشارت إلى أن "عباس رفض بشكل قاطع مشترطاً تدخل الرئاسة بشكل رسمي في هذا اﻷمر، حتى يمكن عقد لقاءات ﻹنهاء الانقسام داخل حركة فتح". وأردفت بأن "دحلان لديه شروط في عملية المصالحة مع عباس، لناحية تأمين عودته للمجلس التشريعي واللجنة المركزية بشكل رسمي، في إطار المصالحة الداخلية".

مع العلم أن دحلان أعلن عن تأجيل موعد المؤتمر الذي دعا إليه قيادات وأعضاء الحركة، والذي كان مقرراً عقده، يوم الخميس الماضي، في القاهرة. وتزامن ذلك مع إشارة مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية المصرية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "القاهرة تراجعت مؤقتاً عن تحركاتها الأخيرة الرامية إلى إعادة دحلان مرة أخرى إلى الحركة وتمكينه داخلها، على إثر حالة الغضب التي سيطرت على عباس، بفعل ما دار من اجتماعات في القاهرة الشهر الماضي".

أما مصادر أخرى فاعتبرت أن "التأجيل هو ترسيخ لفشل دحلان في القدرة على الحشد له، لعدم وجود ترحيب في اﻷوساط الفلسطينية خصوصاً في حركة فتح لهذا اللقاء، في ظل رغبة بعدم تصعيد الموقف". وأضافت أن "دحلان لديه نفوذ ليس بالقليل داخل حركة فتح، في ظل وجود مؤيدين له في المجلس التشريعي واللجنة المركزية، ولكن الموقف لا يتم تصعيده بشكل كبير، باعتبار أن ما يحصل هو أزمة شخصية بين عباس ودحلان".

ونفت المصادر وجود أي استعدادات مسبقة لدى أعضاء حركة فتح في القاهرة بحضور المؤتمر الذي كان دعا إليه دحلان، ولن يحضره سوى بعض الوجوه المعروفة المؤيدة له، والتي تُنظّم فعاليات بعيداً عن المكتب اﻹقليمي للحركة في مصر. وكشفت عن عدم تطرق السيسي بشكل واضح وصريح، في صورة ضغوط، إلى ضرورة إنهاء الخلاف مع دحلان  خوفاً من رد فعل الرئيس الفلسطيني، ولكن يترك الملف لجهاز الاستخبارات للتعامل فيه. مع العلم أنه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وصل دحلان إلى القاهرة على متن طائرة خاصة تزامناً مع زيارة قام بها عباس للقاء السيسي، في إطار مساعي إنهاء الانقسام داخل فتح، ولكنها باءت بالفشل.