حماه 82.. عندما قتل رفعت الأسد آلاف السوريين

02 فبراير 2016
+ الخط -

تستحضر الذاكرة السورية ما جرى في مدينة حماه (وسط البلاد)، قبل أكثر من ثلاثة عقود، من مذابح على مدى شهر كامل، لم تنقض إلا وكان آلاف السوريين، بينهم أطفال ونساء، في عداد القتلى، بأساليب عاد وكررها جيش النظام، خلال سنوات الثورة السورية. ولكن الفارق الوحيد، أن مذابح حماه جرت في صمت، أما مذابح اليوم، فإنها أصبحت تتم على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وربما بـ"رضاه".

ولا يزال السوريون يشعرون بـ"الذنب" حيال صمتهم أمام ما جرى من استباحة مدينة حماه في الثاني من شهر فبراير/شباط من عام 1982، حيث بدأت "سرايا الدفاع" التي كان يقودها رفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد، وقطعات أخرى من جيش النظام، باجتياح مدينة "النواعير"، بعد عدة أشهر من الحصار، لترتكب مجازر بحق آلاف المدنيين العزّل.

ونشرت عدة منظمات حقوقية شهادات نقلاً عن ناجين من المذبحة، تظهر حجم الكارثة التي حلت بالمدينة، إثر بلوغ الصراع بين النظام ومعارضيه، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين آنذاك، ذروته؛ إذ استغل تعرض عناصره لكمين، ليشرع في عملية إبادة، أكدها ناجون في شهادات أمام منظمة العفو الدولية في عام 2012.

اقرأ أيضاً: الطيران الروسي يكثّف غاراته وقتلى مدنيون في حلب

في السياق ذاته، لم ترد أرقام مؤكدة عن عدد القتلى في تلك المذبحة الجماعية. ولكن قائد حملة النظام العسكرية على المدينة، رفعت الأسد، تفاخر في اجتماع ما يُسمى "القيادة القُطرية" لحزب البعث، بقتله 38 ألف مدني في مدينة حماه.

وذكرت إحدى الناجيات من المذبحة في شهادتها أمام منظمة العفو الدولية، كيف قُتل نحو 60 شخصاً خلال واحدة من الهجمات التي استهدفت مسجد مسعود في المدينة، قبل أن تقوم قوات الأمن ببتر أصابع أيديهم، ورصّها على طول جداره.

ووصفت الناجية كيف أن الكلاب كانت تنهش الجثث المرمية في شوارع المدينة، والغثيان يصيبها كلما تذكرت تلك المشاهد، رغم مرور عقود على وقوعها.

اقرأ أيضاً: دي ميستورا يتعهد بإقناع النظام السوري بـ"البنود الإنسانية" اليوم

خلال المجزرة في حماه، أزال قصف بطائرات "الميغ" والمروحيات والمدفعية، أحياء تاريخية في المدينة.

وأشار المعارض الحموي عمر الحبال، الذي عاصر المجزرة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن أحياء الكيلانية والزنبقي والسخانة، أصبحت "ركاماً".

وأضاف "لم تسلم عائلة حموية واحدة من قتل أحد أفرادها في تلك المذبحة، وهناك عائلات أبيدت بشكل شبه كامل، منها عائلة الشققي، وسقط من أفراد هذه العائلة أكثر من أربعين امرأة ورجلا. كما قتل عدد كبير من أفراد عائلات البرازي، وطيفور، وعدي، والكيلاني، والنبهان".

ويذكر الحبال أنه في يوم واحد، سُمي "الجمعة الحزينة"، وبعد الانتهاء من القتل والتدمير، تم إعلان رفع حظر التجوال، وبدأت العائلات التي هربت خارج المدينة بالعودة إليها لتفقّد بيوتهم. وبعد أربعة أيام، تم تطويق أحيائها مرة أخرى، وجمع ما يقارب 7000 شاب، اقتيدوا باتجاه مقبرة سريحين شرق حماه، ولم يعد أحد منهم".

وبعد انقضاء أيام المجزرة في السابع والعشرين من فبراير/شباط، تبيّن أن هناك آلاف المدنيين قتلوا بدم بارد، ودفنوا في مقابر جماعية، وأن هناك آلاف المفقودين، وعشرات المساجد والكنائس دمرت بشكل كامل، واضطر آلاف "الحمويين" إلى ترك مدينتهم، خوفاً من انتقام آخر من جيش النظام.

اقرأ أيضاً: بشار الجعفري رجل أمن في مهمة دبلوماسية

ونشرت الصحافة العالمية في حينها، تقارير تؤكد أن ما حدث جرائم بشعة ضد الإنسانية. وذكرت مجلة "لونوفال أوبسرفاتور" الفرنسية، أن أحد الضباط الذين شاركوا في المجزرة قال متفاخراً، إن "عدد القتلى يفوق من بقي في المدينة أحياء"، وكان عدد سكان المدينة في عام 1982 يربو على الـ400 ألف نسمة.

وقال عمر الحبال، إن المجزرة تركت جرحاً عميقاً لم يندمل حتى اليوم، وخلفت عشرات الآلاف من الأرامل واليتامى، ورغم ذلك لم "تنتج جيلاً حاقداً مشرداً فاسداً". وتحملت المدينة، بل استطاعت أن تعبر بجيلها الجريح إلى بر الأمان، عبر جمعيات أمنت لهم المعونة، واهتمت بآلاف العوائل، ولو بالحد الأدنى.

اقرأ أيضاً: سورية: 54 شخصاً قضوا تحت التعذيب الشهر الماضي

المساهمون