مصريات يواجهن سياسات اقتصادية ذكورية

25 ابريل 2016
نساء يعانين من ظروف عمل قاسية(كريس بورونكل/ فرانس برس)
+ الخط -
رغم الفجوة في الأجور بين النساء والرجال في مصر، والتي وصلت وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى ما بين 30 و50%، إلا أن هناك نساء استطعن كسر "تابو" المجتمع وحققن نجاحات في مجالهن.
فاطمة فؤاد، ليست مجرد موظفة، بل رئيسة النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب على المبيعات في بلد يرفض النقابات. تترأس أكثر من 10 آلاف موظف، وثقوا بها ومنحوها القدرة لتكون ممثلتهم أمام الدولة. قررت فؤاد أن تكون موظفة في دولة لا تعترف كثيراً بالعمل النقابي، لاسيما وإن كان مستقلاً.
استطاعت فؤاد أن تخلق حالة من الحراك داخل مؤسسة الضرائب على المبيعات في مصر. انتفضت ضد النقابة الرسمية التابعة للدولة، وقررت أن تسير بخطى واضحة على طريق العمل النقابي. تقول: "بدأت مشواري النقابي مع تزايد الأزمات داخل المؤسسة في ظل غياب النقابة الرسمية تماماً، بل وسعيها لقتل أي اعتراض من قبل الزملاء، فعرف عني الشجاعة والإقدام، لذا وثق بي زملائي. وبعد الثورة ظهرت فكرة النقابات المستقلة، فسعيت إلى التقارب مع تلك النقابات، واستطعت التواصل مع منظمات تمكين المرأة في العمل، فتلقيت العديد من التدريبات في التفاوض والعمل النقابي وأهميته وأهمية تمثيل المرأة ، ومن هنا بدأ الصراع يظهر جلياً في العديد من الاتجاهات".
تشير فاطمة فؤاد التي مثلت العاملين بالضرائب على المبيعات في حوار الدولة حول قانون الخدمة المدنية، إلى أن البعض رفض أن تمثله امرأة، وبدأت حروب من بعض الزملاء، بالإضافة إلى محاولات استغلالي كامرأة من النقابة الرسمية، لكنني تمكنت بفضل إصراري من إكمال الطريق، وبالفعل حدثت انتخابات داخل الضرائب على المبيعات، وحصلت على أعلى الأصوات.

تؤكد فؤاد أن بيئة العمل في مصر، هي انعكاس لثقافة ورؤى اقتصادية وسياسية سائدة، فالدولة لا تعترف بدور النساء اللواتي يساهمن في إعالة ما يزيد عن 35% من الأسر، وينفقن على أبنائهن ويتحملن كافة المسؤوليات في المنزل والعمل، ولذا فمن الطبيعي أن تعاني النساء من التهميش والتمييز، وهو ما يستوجب معه ضرورة أن تغير نظرة النساء في مصر لأنفسهن، ويزيد من اصرارهن على المضي قدماً دون النظر لتلك المعوقات.
وتقول الخبيرة الاقتصادية سلوى العنتري: "إن المرأة المصرية تعاني كثيراً وعلى الرغم من ذلك فإنها تحقق نجاحات كثيرة، ومن أهم صور معاناة المرأة المصرية، غياب عقود العمل أو التأمينات الخاصة بالعاملات في المصالح الحكومية، إذ تصل النسبة إلى نحو 46.6%، أما في القطاع غير الرسمي فالنساء يعملن بأجور لا تذكر".
"الرجاله فين الستات أهم". هتاف اطلقته وداد الدمرداش العاملة في شركة مصر لغزل المحلة في إضراب الشركة، وذلك اعتراضاً على العديد من المظالم التي يعاني منها زملاؤها. أختارتها مجلة النيوز ويك من ضمن أكثر من 150 امرأة شجاعة في العالم. بدأت مسيرة وداد الدمرداش منذ عام 2002 مع زميلاتها، حين أضربن عن العمل للمطالبة بحقوق مهدرة، واختيرت من ضمن المفوضين عن الشركة للتفاوض مع الدولة حول حقوق العمال، فذهبت ومعها ملف شركة غزل المحلة لقصر الاتحادية، وأصرت على مقابلة الرئيس. تقول الدمرداش: "بدأت مثل آلاف العاملات بشركة مصر لغزل المحلة، لكنني كنت أتحلى بالجرأة، وهو ما دفع زملائي لاختياري ضمن المسؤولين عن التفاوض مع الإدارة ". وتضيف: " كنت من أكثر العمال غضباً بسبب ضيق الأوضاع التي أعاني منها في المنزل، فلدي 4 أولاد في مراحل التعليم المختلفة، وأقوم بالإنفاق عليهم، لذا كان حديثي نابعاً من القلب ومن التجربة الصعبة التي أعاني منها يومياً".
وتقول: "دافعي الأساسي في إعالة عائلتي جعلني أتخطى جميع الضغوط، ثم عرض علي العمل كمقدمة برامج في التلفزيون، ووافقت، إلا أن هذا المركز الجديد لم يمنعني من أن أنسى أنني في الأصل عاملة".
تشير تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، إلى أن هناك تفاوتاً في الأجور بين الرجل والمرأة، يزيد عن الـ30% ويصل إلى نحو 50%؛ إذ تمت مقارنة أوضاع النساء والذكور في العمل في مصر وفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وتبين أن المرأة غير العاملة، من سن 15 إلى 35 عاماً، تقضي في العمل المنزلي نحو 37 ساعة أسبوعياً، مقابل 41 ساعة عمل يقضيها الرجل في الأعمال الخاصة والعامة. أما إذا كانت المرأة عاملة، فهي تعمل نحو 69 ساعة في الأسبوع، مقابل 54 ساعة عمل يقضيها الرجل، إذ تعمل المرأة نحو 32 ساعة أسبوعياً داخل المنزل ولكن بدون مقابل، فيما تعمل نحو 37 ساعة عمل خارج المنزل لقاء أجر.

 

المساهمون