المسرح وحقوق المِلكية الفنية: البيروقراطية وتناقضاتها

28 مارس 2020
من عمل لـ توفيق الجبالي
+ الخط -

مع توقف الحياة الثقافية بشكل كامل جرّاء الإجراءات الوقائية من تفشّي فيروس كورونا في تونس، ظهرت مؤخراً العديد من المبادرات الثقافية التي جعلت من الفضاء الافتراضي بوّابتها، وكان المسرح أحد أكثر القطاعات تنشطاً في هذا الاتجاه، حيث ظهرت مبادرات مثل مجموعة "بعد الرابعة مساء" وصفحة "قطب المسرح في مدينة الثقافة" التي تقدم عدداً من المسرحيات المسجّلة فيها بانتظام.

بدت الأمور وكأنها تسير على أحسن وجه مع تفاعل المسرحيين مع هذه المبادرات، غير أن بياناً أصدرته "المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة" أثار بعض الجدل، حيث دعت المؤسسة التابعة لوزارة الثقافة إلى "احترام قوانين حقوق الملكية الأدبية والفنية وخلاص المعاليم المستوجبة بعنوان حقوق المؤلف".

ما يغيب عن البيان هو أن العروض المقدّمة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تأتي بمبادرة من المسرحيين أنفسهم، وهو ما أشار إليه المسرحي التونسي نزار السعيدي الذي كان وراء إطلاق مجموعة "بعد الرابعة مساء" وتقدّم يومياً أربعة عروض مسرحية مسجّلة.

السعيدي وضع البيان للنقاش بين زوّار الصفحة، وجاءت معظم التعليقات من المسرحيين الذين استهجنوا هذا البيان، فأشار الفنان توفيق الجبالي إلى أن نفس المؤسسة التي تطالب اليوم بحقوق الفنانين حين تعرض أعمالهم على الإنترنت لم تسع لضمان حقوقهم حين تقدّم القنوات التلفزيزنية الأعمال المسرحية دون مقابل، واختتم حديثه بالقول: "ثم إننا نعرض أعمالنا بدون مقابل.. ونحن أحرار في ذلك".

وقال الكاتب الأسعد بن حسين: "نحنُ في ظرف استثنائي.. كما أن الموقع لا يُنزّل إلا أعمالاً وافق أصحابها على عرضها"، وفي نفس السياق قال المخرج حمادي الوهايبي: "بلاغ خارج السياق خاصة وأن العروض تتم بموافقة أصحابها"، وهو الذي جرى عرض أحد أعماله، "الصابرات"، على الصفحة منذ أيام. وكتبت نورهان بوزيان: "دافعوا أولاً عن حقوقنا في إعادة البث للمسلسلات التي شاركنا فيها، ودافعوا عن المسرحيات التي تعرض في التلفزيون دون مقابل".

ومن جهتها، كتبت زينب فرحات: "شخصياً، وفي إطار حق النفاذ إلى المعلومة، أطالب بكشف مالي مدعم بتقرير بنكي لهذه المؤسسة"، مشيرة إلى أن هذا الملف قد سبق طرحه على وزير الثقافة السابق الذي أشار إلى أن وزارة المالية رفضت دفع المستحقات للفنانين.

يذكر أن المسرحيات التي تقدّمها صفحة "بعد الرابعة مساء" كانت تسجيلاتها متوفرة على موقع يوتيوب ولم يجر تحميلها خصيصاً للعرض خلال هذه الفترة، كما أن السعيدي سبق وأشار إلى أن العروض تتم بموافقة مخرجيها، بل إن بعضهم قد أمدّ الصفحة بمسرحياته طواعية، وبذلك تصبح المطالبة الرسمية بالحقوق الفنية والأدبية أشبه بفرض موقع وساطة بالاستناد إلى مبدأ طالما دعا إليه المسرحيون أنفسهم، لكن من الغريب أن يُرفع اليوم ضدّهم ثم يُنسى حين يكون في صالحهم.

المساهمون