في ظروف كالتي تعيشها معظم البلدان العربية، يوجد ما يشوّه العلاقة الفطرية التي تنشأ بين الطفل والفنون الموجهّة إليه. ولعل أحد تمظهرات ذلك أن أبرز شخصيات الأبطال الفنية، التي تمرّرها عادة الأشرطة المصوّرة التي ترسّخت في أذهان الأطفال كانت مستوردة، وإذا نجحت شخصية ما في الوصول إلى الأطفال في بلد عربي، فإنها تجد صعوبة في الوصول إلى بلدان عربية أخرى باستثناء بعض الشخصيات المصرية.
في محاضرة تُقام بمناسبة افتتاح معرضه، على هامش الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، يتحدّث الفنان التشكيلي التونسي رؤوف كراي اليوم في مقر "منظّمة بيت تونس" في باريس عن "الرسومات في كتب الأطفال العربية"، حيث يحاول تفسير تلك المسافة التي تعيق اندماج الطفل العربي مع الشخصيات المرسومة في الكتب التي تقدّم إليه بلغته.
تعود تجربة كراي (مواليد 1951) مع الرسم للأطفال إلى سنوات التسعينيات، حيث نشر الكثير من الأعمال في تونس وفرنسا ولبنان وإيطاليا.
وقد حاول كراي، طوال هذه المسيرة، أن يدعو الفنانين إلى تمرير أفكار الفن الحديثة في رسومات موجّهة للطفل، حيث يرى أنه ينبغي أن يجري تذويب النظريات الفنية الكبرى حول اللون والخط والفضاء إلى الطفل، كي لا يكون هناك فارق شاسع بين ما يشاهده في الإنترنيت أو التلفزيون من مواد بصرية تكون عادةً صناعة أوروبية أو أميركية أو يابانية وبين ما يُقدّم له من رسومات ينجزها فنّانون عرب.