قليل من الضحك لأكرادك.. إلهي

16 مارس 2014
جيان خلف تحرّك المجتمع الكردي
+ الخط -
بضع دقائق بثّ على موقع اليوتيوب كفلت لكل مقطع مصوَّر من مقاطع الفنانة الكردية جيان خلف بانتشار واسع في الوسط الكرديّ. وفي هذه الأعمال، تحاول الفنانة مقاربة مواضيع تدخل في خانة الأعراف والتقاليد وأصبحت قيوداً على الأكراد في حلّهم وترحالهم، فتدغدغ مشاعرهم بنقدها الساخر الممزوج أحياناً بالكوميديا السوداء.

ربّما كانت المقاطع الأولى التي بثّتها خلف بمثابة بالونات اختبار لقياس مدى تقبّلها، ثمّ أصبحت تدأب على نشر المقاطع التي تصوّرها بكاميرا الحاسوب أو الهاتف الجوّال، ولا تحتاج منها سوى إلى رفعها على اليوتيوب لتحظى بآلاف المتابعات والمشاركات، وتدور حولها النقاشات والسجالات بين مؤيّد ومعارض، ما دعا إحدى الفضائيّات الكرديّة (nrt2) إلى تخصيص برنامج لها، أوقف بعد الحلقة الأولى وقوبل بانتقادات على جرأتها في مقاربة أحوال المرأة الكرديّة. والمفارقة أنّ بعض النساء وقفن ضدّها لإشارتها إلى بعض المسلكيات المتفشّية في المجتمع الكردي.

تركّز جيان خلف، التي تعيش في بريطانيا منذ أربعة عشر عاماً، على انتقاد بعض العادات الاجتماعية السائدة، وتعتمد على حركات إيحائية وتعدّد في أصواتها وهي تؤدّي أدوارها المتنوّعة. وبذلك تلقي حجراً في مياه المجتمع الراكدة بغية تحريكه والبحث عن جديد معاصر فيه، بعيداً عن الحصار الذي يفرضه أبناؤه على أنفسهم.

تطبع خلف أعمالها بطابع كوميدي ساخر، وتستعين بالبسمة سبيلاً للانتقاد اللاذع، ولا تعدم جوانب من الوصائية، كأن تسمّي بعض المقاطع التي تقدّمها بالدروس، في إشارة إلى الجانب التعليمي في المسألة، وتختار معالجة الحالة أو الظاهرة بتشريحها وسرد ملابساتها وتقديم المقترح الذي تراه مناسباً.

من ذلك مثلاً، معالجتها لموضوع التواصل الاجتماعيّ بين الداخل والخارج بالنسبة إلى الكرديّ، لا سيّما أنّ الأكراد عاشوا ويعيشون حالة شتات منذ عقود وتناثروا في معظم أنحاء العالم؛ وتناولها ما أدخلته وسائل التواصل الحديثة، وبخاصة شبكة النت، من عادات جديدة إلى المجتمع الكردي.
وأمام "البدائية" في التعاطي مع التكنولوجيا واستعمالها، تبدو الصورة المفارقة والمُمرئية للذات والكاشفة للعلل مكبّرة، فقد تحدّث الواحدة نفسها وهي تسرد يوميّاتها لأختها المفترضة أو قريبتها. وينصبّ التركيز على التقاط المفارقات والتناقضات، وسطحية التفكير أحياناً وانعدام المواد والضرورات الحياتية، بحيث يغدو أبسط الأمور أكثرها تعقيداً.

في أحد المقاطع تتحدّث "خلف" عن برنامج "آراب آيدول" ومشاركة "برواس حسين" فيه، وما أحدثه حضورها من تأثير، فنراها تقلّد حركات برواس، وحركات وأقوال لجنة الحكم، وتدعو من جهتها إلى التصويت لها على طريقتها، وتنتقد التضييق الممارَس على المرأة، وتكون مباشرة في الحضّ على أن تصبح المشاركة ظاهرة لا حالة فرديّة فقط.

وفي مقطع آخر تصوّر "عيد الفالنتاين" عند الأكراد، فنراها تنصح الرجل والمرأة والأهل على حدّ سواء، وتتوقف عند التوترات التي يخلقها عيد الحبّ فيشغل الجميع عن الحبّ نفسه. كما نراها تقارب تبسيط بعض الأكراد لتعلّم اللغات، وتعاطيهم مع اللغة على أنها أسهل ما يمكن تعلّمه، فيحرّفون ألسنتهم وينغّمون الكلمة وكأن اللحن هو اللغة. وقد منحت هذا المقطع عنوان "خمس لغات في سبع دقائق".

تحرص خلف على تقديم مقاطعها بأكثر من لهجة كرديّة، كاللهجة الكرمانجيّة التي يتكلّمها أكراد سوريا وقسم من أكراد العراق وتركيا وإيران، واللهجة السورانيّة التي يتكلّمها قسم من أكراد العراق وإيران. كما تستخدم أحياناً اللغة العربية أو الإنكليزية حين تودّ التوجّه إلى الجمهور الغربي أو العربي للتعريف بشعبها وحياته وتاريخه على طريقتها.
لكن حتّى تلك المقاطع تكون مُتابَعة من الكرد ولا تلقى المتابعة المأمولة من الآخر.


صفحة الفنانة على فايسبوك


دلالات
المساهمون