ترك الراحل عشرات الأعمال التي نزع فيها نحو التعبيرية بأسلوب فطري، وتناولٍ عفوي مبسّط لمفرداته التشكيلية بزخارف لونية ضمن تكوين يقترب أحياناً من الأشكال الهندسية، حيث يقدّم المشاهد بتكوينات دائرية ومستطيلة وخطوط متوازية تمثّل وحدة متناسقة تعتمد التباين في الضوء وتدرجات في استخدام الألوان.
اختار الأطرش الفن مخالفاً رغبة والده الذي أراده أن يكون طبيباً أو مهندساً، بحسب مقابلة سابقة استذكر فيها أيام الطفولة حين كان يرسم بالسر ويوفّر مصروفه ليشتري الألوان، وبدأ برسم المناظر الطبيعية ثم نفّذ بورتريهات لمعظم أصدقائه، وانتقل إلى القاهرة بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة ليدرس في كلية الفنون، لكنه لم يتمكّن بالالتحاق بها، فدرس في قسم اللغة العربية بـ"جامعة القاهرة".
تتنوّع أعماله التي تصوّر يوميات المقدسيين، والفلسطينيين عموماً، فتظهر في لوحة سيدة فلسطينية بزيّها التقليدي تمسك بورق العنب وتضعه في سلّة أمامها، كما يرسم في عمل ثانٍ بعنوان "حكاية جدتي" مجموعة من الأطفال يتحلّقون حول جدتهم التي تروي لهم القصص وهي تراقب قدراً فوق "بابور الكاز". وفي لوحة "سوق الخضار" تسير امرأة تحمل على رأسها سلّة بلاستيكية مليئة بالخضروات والفواكه.
أما لوحة "عين على المخيم"، فتصوّر امرأتين تساعد إحداهما الأخرى في حمل جرة الماء على رأسها فيما تقف ثالثة بجوارهما تنظر إلى الأفق. وفي لوحة "بيوت فلسطينية قديمة عام 1945"، يرسم أشجاراً زرعت قرب سور يطلّ على منازل عتيقة، إلى جانب لوحات "القدس القديمة"، و"بائعة اللبن"، و"صانع الأحذية"، و"الراعي"، وبورتريه كان الأقرب لقلبه يجسّد شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي.
يقول الناقد المصري سيد جمعة "لعل الأطرش بوعىٍ منه أو رغبةً كامنةٍ فيهِ، يُشارك في حفظ ونقل تراث بلدهِ المكلوم إلى الأجيال التالية من خلال هذا التوثيق الفني لهُ من خلال إبداعاته الفنية المُتعددة والمتميزة، فكان الإنسان، والنبات، والجماد؛ لهم النصيبُ الأكبر كما نرى ذلك في أعمالهِ"، مضيفاً "استخدم من العناصر العديدة في التعبير الفني وكان منها عنصر اللون - كمثالٍ - بإشراقاتهِ وإضاءته الذاتية، وأيضاً اهتمامهِ بالنماذج كموضوعات مُختارة حيثُ نجدُ فيها تحديد البؤرة الرئيسية لتكون الملمح الأساسي والأيقونة الفكرية مُكتملةٍ مع الرؤية البصرية".