أسماء الغيلوفي.. عن أغراض الحياة اليومية وشقائقها

21 فبراير 2018
(أسماء الغيلوفي)
+ الخط -

كثيراً ما يؤكّد دارسو الجماليات على الفروقات بين الشعر والفنون البصرية، فهما في الغالب يتكاملان ولكن قليلا ما يلتقيان، غير أنه يحدث أن يتحقّق الاحتمال الثاني حين يحضر شاعر بعوالمه إلى اللوحة أو غيرها من المحامل، كما قد يأتي فنان تشكيلي إلى القصيدة يضع فيها ما لا يحتمله الإطار البصري.

في ثقافتنا العربية، يظلّ النموذج الأشهر لهذا التقاطع تجربة جبران خليل جبران، ولكن يمكن أن نذكر تجارب أخرى متنوعة في جميع الثقافات مثل فيكتور هيغو وبول كلي. هذا على مستوى الأعمال التي اعترف بها النقّاد، دون أن ننسى تلك الرسومات التي تظهر بشكل عفوي في مخطوطات الشعراء أو تلك القصائد التي يتركها التشكيليون ولا ينشرونها في كتب.

بالرغم من كل ذلك فالقطيعة بين الفضاءين لا تزال بارزة إلى حدّ كبير، لا يقطعها سوى إقدام أحدهم على العبور إلى نمط تعبير غير الذي عُرف به. مؤخراً، نشرت التشكيلية التونسية أسماء الغيلوفي مجموعة شعرية بعنوان "شقائق" والتي ستقدّمها يوم الجمعة المقبل، 23 شباط/فبراير، في مكتبة "ميل فوي" في مدينة المرسى بالقرب من تونس العاصمة.

العمل يصدر باللغة الفرنسية، وهو ما يثير سؤالاً حول هذا الخيار. تقول الغيلوفي في حديث لـ"العربي الجديد": "أعتقد أننا لا نختار اللغة التي نكتب بها، هذه الأخيرة تفرض نفسها، أو هكذا هو الأمر إلى حدّ كبير. لكن من جهة أخرى يمكننا أن نطوّر أداء لغة، أو علاقتنا بلغة بشكل خاص".

منذ 2012، تشارك التشكيلية التونسية في معارض كان آخرها معرضها الشخصي في نيسان/ أبريل 2017 بعنوان "ختم على بياض". وإذا كانت "شقائق" هي أولى إصداراتها الشعرية، وقد برز اسم المؤلفة ضمن المشهد التشكيلي الجديد في تونس الذي صعد بعد 2011، فإنها تؤكّد "لم يحدث أن توقفت عن الكتابة. أنا أكتب من زمن بعيد"، أي أن ذلك الفصل الذي يضعه المتابعون بين الفنان التشكيلي والكتابة الشعرية لا يحضر لديها.

تضمّ "شقائق النعمان" 75 نصاً تختلف صياغاتها وأشكالها، ويعود زمن كتابتها بحسب التشكيلية التونسية إلى الفترة بين 2011 و2014. وحول المؤثرات التي تعتقد أنها حاضرة في نصّها، لا تشير الغيلوفي إلى مرجعيات محدّدة، وإن وجدت أنها تتموضع ضمن ما تسمّيه بـ "تعقّل حديث للشعر" قريب من رؤى الشاعرين الفرنسيين شارل بودلير وأرتور رامبو، مشيرة إلى ميل أكبر لشاعر من زمن أقرب هو فرانسيس بونج.

لكن ماذا عن الخلفية التشكيلية التي تحملها. تقول: "ممارستي للفن التشكيلي تغذّي بالتأكيد كتاباتي والتي من جهتها تضيف إلى الفن الذي أمارسه. أجد نقطة تقاطع بينهما، وهي أغراض الحياة اليومية التي تحفزني فنياً وتدعوني إلى الممارسة الإبداعية، وهي من جهة ثالثة تمثّل محور انشغالاتي النظرية في البحث الجامعي". تختم قائلة: "ما يحرّكني هو الواقع الملموس، في مادّيته، وفي استعمالاته، في هذه الأغراض التي تؤثثه، في يومياته وإيقاعه وبداهته، وفي تشعّبه وحضوره الدائم وتفاصيله".

المساهمون