1
التوقيت الشتوي يدير شؤونه لوحده هنا
خدّي بارد
والشوارع تغالب وحشتها بورق الخريف،
تبتسم لي، افتضاحُ الأشجارِ أشدّ وطأة!
يندفع الحزن المكتوم مع الأمطار
ثماراً لم تلحق أن تنضج
تلك الطوابير الطويلة عند فتحات المجاري
نأخذ السيلفي معها
لانكتب تاريخاً
نركل قشور الكستناء المشوّكة بعيداً
نحاذر ألا تظهرَ نهايةٌ للطريق
ولا بداية
الروح لطفلة من تحت طبقات الصوف
منقطعة الأنفاس
لاهثة في ملاحقتها الخشخشات الحمر والصفر
2
لأن الجوَّ باردٌ
لا شيء يحدث خارج هذا البيت تظنين
ولا شيء يستحق خلف الأبواب
مُقلّةٌ في سماع الأخبار* والمطالعة
ومتابعة التطبيقات التكنولوجية الحديثة
من أجل التواصل
الأرضُ صَغُرتْ على ناسِها
الطوفان
يبتلع الغابات وينفي الصيادين إلى الصحارى
واليابسة تجوع فتقضم حروفَها اللينة
...
...
ويوماً حين يفتحُ الحوتُ فمَهُ
سترين بعينكِ ما اقترفه البحرُ
عن عفوِ خاطر
* في النشرة الرئيسية للأخبار؛
بهذا "التدوير"، أو "زحزحة القارات" قريباً ستتقلّص الأرض إلى بقعة.
لاحقاً في "بعد قليل"
نرى وسط العتمة وتحت دائرة ضوءٍ مخنوق برطوبة البحر صحافياً أجنبياً يسأل طفلةً ترتدي سترةَ نجاة وتتهيأ لركوب القارب مع أبويها وأخوتها؛- إلى أين أنتم ذاهبون؟ تجيب الطفلة بالحرف؛ إلى أرض الله الواسعة!
3
الخريف هو نصف المشاريع التي تملأ جوانب الطرقات، وتغلق البالوعات.
الخريف امرأة ضيقة الأفق عقائدية. دمها ثقيل. لم تتّغير سماتها، تقول أمها مذ وُلِدت. نعرف كل دلالاتها.
الصوت الرتيب الذي يهدأ قليلاً قليلاً في زوايا المدينة. الألوان ذاتها للأزياء التي تحتل واجهات المحلات. المواعيد التي تنقل دمدماتها من الأرصفة والمتنزهات إلى عمق المقاهي وداخل البيوت. الأوراق التي تستعد لشحذ صوت يباسها بتساقطها على الأرض.
الخريف الكنيسة هنا، هو البشارة! الولادة وتقبّل ما هو مكتوب، ينزع عنك نزقك، يُلبسك رغبةً مقننة هادئة داكنة، ويركّب لك صوتاً يقترب من الهمهمة.
بلسعات بردٍ حانية فجأة، كعارضٍ من عوارض اضطراب الشخصية، يتبارى مع الربيع الذي يُحكى عنه باستعراضٍ باذخ ومجازات مستهلكة ملولة.
رغم بطئه يلهث سرّاً. يودّ لو يفرض حضوراً، لو يترك أثراً، سرعان ما سيجعله بياض الشتاء شيئاً منسياً.
هو الحصاد، رجلٌ تصلها رائحته من بعيد، تَأْمَلُ واقفاً بالانتظار!
* كاتبة وشاعرة عراقية مقيمة في كوبنهاغن