لا تتوافر المكتبة العربية على الكثير من الدراسات الفارقة في النقد الأدبي حول الرواية العربية، تلك التي تربطها بعلوم أخرى وآفاق مختلفة، سواء أكان ذلك من جهة سوسيولوجيا الأدب أو غيره من المجالات.
من هنا يكون العمل الأدبي للباحث المصري علي عبد الرؤوف "مدن العرب في رواياتهم" الصادر حديثاً عن دار "مدارات"، والذي يدرس عمارة المدن وفقاً لوصفها في الروايات، أحد الدراسات المثيرة للاهتمام بجدة موضوعها.
مرة أخرى، يعود الباحث إلى المدن وتاريخها وعلاقتها بالمجتمع والأدب؛ فبعد كتابه "من مكة إلى لاس فيغاس: أطروحات نقدية في العمارة والقداسة"، يستكشف الكاتب تمظهرات وتمثّلات الدار البيضاء وبغداد ودمشق والقاهرة و عمّان ودبي والرياض وتونس والجزائر في أعمال روائية عربية.
علاقة مركبة بين الأدب والعمارة، يبنيها الكاتب فيعيد رسم خريطة ذهنية للمدن وعمارتها كما نقلتها الروايات، وهو موضوع جديد على الدراسات الأدبية العربية التي تمزج العمارة الفعلية بالعمارة المتخيلة أو تلك التوثيقية لمدن بعينها كما جاءت في الروايات.
يعود عبد الرؤوف إلى روايات لكل من حنّا مينه وفوّاز حداد وغادة السمّان وعبد الرحمن منيف وغازي القصيبي وهاني النقشبندي وشاكر الأنباري والطيب صالح ومحمد الأشعري وياسمينا خضرا ونجيب محفوظ والطاهر وطّار ويحيى حقي وجمال الغيطاني ورضوى عاشور ويوسف إدريس وإبراهيم أصلان وبهاء طاهر وفتحي غانم وأحمد خالد توفيق.
الكاتب والمدوّن تناول عمارة المدن العربية من عدة زوايا، حتى أنه تناول المدينة العربية في الغناء، مثلما فعل حين قدّم مقارنة بين صور القاهرة المعاصرة كما ظهرت في بعض الأغاني الحديثة. كما تطرّق في مدوّنته إلى مواضيع المدينة في السينما، والعشوائيات، والفوضى العمرانية، والمدن الصديقة للطفل، والمدن الذكية والمدن الغبية، والتسويق العمراني.