في نهاية الثمانينات، بدا إنتاج مسلسل مصري بعنوان "الراية البيضاء" (إخراج يحيى العلمي عن نص لأسامة أنور عكاشة) مثل لحظة وعي تجاه ما يحدث لتراث الإسكندرية المعماري، حيث يضيء العمل تشبّث مثقّف مصري بفيلّته أمام موجة من هدم الفيلات التاريخية - التي يعود بناؤها إلى القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين - وتحويلها إلى عمارات.
على مسافة قرابة ثلاثة عقود، لا يبدو أن الأمور قد تغيّرت كثيراً، بل لعلّها زادت سوءاً وهو ما يزيد من جسامة مسؤولية الحفاظ على تراث الإسكندرية التي مثّلت في وقت من الأوقات إحدى علامات التعايش بين الثقافات المتنوّعة، ومن هؤلاء الإيطاليون الذي تركوا أثرهم في معمار المدينة بشكل واضح من خلال تشييد فيلات سكنوا فيها أو انتداب معماريّيهم لبناء منشآت عامة أو تصميم ساحات.
في "مركز الحرية للإبداع" في الإسكندرية، يجري بداية من السابعة من مساء اليوم تقديم نتائج مشروع بحثي بعنوان "إسكندرية الطليان" ضمن فعاليات "أيام التراث السكندري"، وهو محاولة لجرد المباني التي أنشأها الإيطاليون الذين سكنوا المدينة منذ عهد محمد علي باشا، مؤسس الدولة المصرية الحديثة، إلى منتصف القرن العشرين.
استمرّ العمل على هذا المشروع عاماً ونصف، ومن المنتظر أن يتم إخراجه في شريط وثائقي من إخراج أسامة محرّم ونديم قنواتي بمشاركة عدد من الباحثين في التاريخ والمعمار، وقد ساهم في هذا المشروع "مركز في المجلة الإسكندرية". وقد جاء في بيان المركز لتقديم الفعالية: "نتشرف أن نتحمل مسؤولية هذا الجزء من التاريخ والحفاظ على أعمال هذة الجالية الفريدة من نوعها".
مدن عربية كثيرة تحتاج مشروعات مشابهة، خصوصاً أن بعض الأنماط المعمارية الأوروبية، ومن بينها الإيطالية، لم تكن ذات حمولات استعمارية كنظيرتها الفرنسية أو الإنكليزية داخل المدن العربية.