نقص السكر

26 فبراير 2019
محمد علي بن رحومة/ تونس
+ الخط -

إذا كنت أتذكر بشكل صحيح، فقد متّ ما لا يقل عن مئة مرة، من نقص السكر. ودعك الآن من ميتات ليست لها علاقة بهذا الداء. حتى أنني توفيت منذ وقت قصير (قبل أسبوع فقط)، وكنت أتسكع مأخوذاً بالجمال الرباني في شارع باسيج دي غراسيا.
آ والله.

لقد مت هناك، واستيقظت، فإذا بي في مستشفى ماريا دل مار، على حافة البحر، والهواء يتحرّك في الغرفة البيضاء، فيهفهف شعر الممرضة البيضاء الأخضر.

قلت لها: أين أنا، حضرتك؟
قالت: هنا، معي.
قلت: عفواً، لا أقصد. أسأل عن المكان وموقعه من المدينة.
قالت: هنا، وقد أحضروك من باسيج دي غراسيا.
ثم صمتت وقالت: وماذا كنت تفعل هناك ـ ولا مؤاخذة؟
فكرت بإمعان ثم قلت: كنت أستحضر شيئا غير شخصيّ بالمرة.
قالت: ماذا تعني؟
قلت بمكر المريض الذي بدأ يتعافى: أحاول الحصول على ما هو ليس سهلاً في الأدب.
قالت: حضرتك ..؟
أومأت: .. ولا مؤاخذة.
ـ وهل لا بد أن تعاين الجمال لتكتب عنه؟
أومأت بنفس الإيماءة.

ولما تحسّن الحال أكثر، وكدت أعود طبيعياً، خرجت من المستشفى، وعدت إلى الباسيج، لكي أعاين مجدداً، كي أكتب ما هو ليس سهلاً في الأدب.
أفتراك، بعد كل هذا، تعتقدني جباناً أمام الموت؟


* شاعر وكاتب فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون