يعيش الناس ويعملون ويسافرون عبر بيئة مبنية، وهذه تؤثر عليهم بطرق عديدة وبشكل مباشر وغير مباشر، فتترك آثارها على الصحة والسعادة وقوة المجتمعات وانتشار الجريمة وحتى الشعور بالانتماء، ويوماً بعد يوم يلزم وضع تصوّرات وتخطيطات جديدة تواجه من خلالها البيئة المبنية التحديات الديموغرافية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية المستقبلية.
ويعدّ التصميم والهندسة المعمارية والمساحات العامة والخضراء واستدامة المباني وقدرتها على التكيّف وتوفير البنية التحتية الحيوية كلها عناصر أساسية في هذه العملية، لا سيما وأن معظم مجتمعات اليوم لا تفكر إلا في حلول راهنة.
غير أن السؤال المطروح اليوم ماذا ستترك من إرث معماري للأجيال المقبلة وماذا سينتج عن القرارات التي تتخذها هذه المجتمعات اليوم والمثقلة بتزايد عدد السكان، والكوارث الطبيعية، والنزاعات الداخلية، وأسعار طاقة لا يمكن تحملها وندرة الموارد، وهذه ليست سوى بعض العناصر في قائمة المشاكل التي يتعيّن التفكير في حلول لها.
حول البيئة المبنية وعلاقتها بالعمارة، تقيم جامعة الآغاخان في لندن، المحاضرة الخامسة ضمن سلسلة من ثماني فعاليات عامة حول التعددية في الثقافات الإسلامية؛ يلقيها المعماري فاروق درخشاني عند السادسة من مساء الخميس، عشرين من الشهر الجاري تحت عنوان "عمارة قيد النقاش: بحثاً عن بيئة مبنية بشكل أفضل".
يتناول المحاضر، مدير جائزة الآغاخان للعمارة، المشروعات التي كانت إنجازاتها تمثل مصدر إلهام لأولئك الذين يسعون في مختلف بلدان العالم إلى تحسين الاستدامة البيئية والثقافية والاجتماعية ونوعية الحياة من خلال الهندسة المعمارية.
يتطرّق درخشاني، المتخصّص في العمارة المعاصرة في المجتمعات الإسلامية، إلى المشاريع التي حازت جائزة آغاخان للعمارة، منذ انطلاقتها، والتي تصل إلى 126 مشروعًا، والتي جاءت في سياق اهتمام الجائزة بالاستدامة والتكيف مع المناخ ونوعية الحياة، ضمن ممارسات معمارية تحافظ على التاريخ وتكترث لهندسة المناظر الطبيعية.
بالنسبة إلى درخشاني فقد تضمّن عمله الاحترافي تصميم وإدارة الإنشاءات لمشروعات الأشغال العامة والبنية التحتية واسعة النطاق في إيران، فضلاً عن مشروعات في التصميم المعماري في باريس وجنيف.