من قطع رأس إليوت: مراسلات 1934-1935

19 يونيو 2017
(من شقة إليوت في لندن)
+ الخط -

إن كان الجزء السادس من مراسلات الشاعر البريطاني تي إس إليوت (1888-1965) قد انتهى بقراره الانفصال عن زوجته فيفيان هاي وود، فإن الجزء السابع الذي يصدر قريباً عن دار "فيبر آند فيبر" يتناول الرسائل التي تبادلها خلال مرحلة الانفصال نفسها وتنفيذ هذا القرار بعد زواج استمر 18 عاماً، ثم تأثر الصحة العقلية لفيفيان بالقرار لا سيما وأنها كانت تعاني من مشاكل نفسية سابقاً أودعت خلالها في مصحة للأمراض العقلية.

كما يتضمّن المجلد، مراسلات بخصوص العمل المسرحي الذي كان يشتغل عليه إليوت فقد شهدت تلك الفترة ما بين 1934 و1935، اشتغاله على "جريمة في الكاتدرائية"، إحدى أكثر مسرحياته نجاحاً، إلى جانب بعض رسائله مع أصدقاء من الكتّاب والشعراء، من أمثال الروائي إف. سكوت فيتزجيرالد والشاعرة ماريان مور.

أضاف محرر هذا الجزء من المراسلات جون هافندن، بعضاً من يوميات فيفيان ورسائلها التي تكشف عن وصولها إلى حالة متردية من التعب النفسي والعذاب العاطفي الذي سيطر عليها، وقناعتها التامة أن إليوت سيعود إليها ولا بدّ أن ما يمنعه من ذلك أمر فوق طاقته أو إرادته، فتذكر في يومياتها أنه إما أن يكون مختطفاً أو مقيّداً ولا يستطيع العودة.

أما إليوت فقد كان قلقاً على كتابته وساخطاً على الوقت الضائع في إتمام هذه المهمة بينما من الأولى أن يصرفه على كتابة مسرحيته، حتى أنه أرسل وكيلاً عنه يحضر له كتبه وملابسه ومتعلّقاته من بيت فيفيان، تلك المتعلّقات التي كانت شغلها الشاغل في الرسائل، وكأنها آخر ما لديها من تفاصيل حميمة ربما تجذب صاحب "الأرض اليباب" إلى البيت من جديد.

لم تتوقف حالة فيفيان النفسية عن التردي إلى أن أودعت المصحة النفسية، بعد أن أصبحت تهيم في الشوارع فجراً تسأل المارة إن كان هناك من قطع رأس إليوت. وكما هو معروف ويتضح من المجلد الأول من المراسلات فإن إليوت كان يعتبر فيفيان ملهمة لأهم قصائده، لكن تراجع حالتها على نحو تراجيدي لم يمنعه من الاختفاء والاختباء منها تماماً، في وقت كانت ترسل فيه الرسائل إلى أصدقائه وجماعة "بلومزبيري" (فرجينيا وولف وجون مينارد وآخرين) تحاول أن تجده بينما كان الشاعر قد حذّر الجميع من إطلاعها على مكانه، فبدا لها الأمر كما لو أنه اختفى، أو أن مكروهاً وقع له، حيث كانت عاجزة عن تصديق رغبته في الانفصال.

هذا هو الحدث المسيطر على مراسلات هذا المجلد، والتي تعد شهادة على فترة صعبة عاطفياً ونفسياً في حياة إليوت، وتوثق تسعة أشهر عاشها الكاتب وملهمته السابقة، قبل نهاية الانفصال بشكل رسمي، حيث تذرع بالعمل محاضراً في "هارفارد" لكي يكون بعيداً عنها (صدرت محاضراته التي ألقاها في الجامعة في كتاب بعنوان "الشعر واستخدام النقد").

وكانت "فيبر آند فيبر" قد بدأت في نشر هذه الرسائل بناء على رغبة وقرار فاليري إليوت سكرتيرة صاحب "الرجال الجوف" والتي أصبحت زوجته عام 1957، وقد صدر الجزء الأول عام 2009 وتضمّن مراسلات إليوت في الفترة 1898-1922، وهو جزء يتعلق بالبدايات والحب والزواج الأول ونقاشات حول "الأرض اليباب".

المساهمون