استمع إلى الملخص
- دراسته وعمله شملا تونس وأوروبا، حيث حصل على درجات علمية متقدمة وعمل أستاذاً زائراً في جامعات متعددة، وساهم في تأسيس النقابة الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي في تونس وعدة هيئات ثقافية.
- في "سيرة ذاتية فكرية"، يعكس الجنحاني تأملاته حول التضحية بالحريات من أجل التنمية والعدالة الاجتماعية، مؤكداً على أهمية الدفاع عن الحريات كوسيلة للتكفير عن الذنب، مشدداً على ضرورة الاستمرار في هذا الدفاع حتى النهاية.
توزّعت اشتغالات الباحث والأكاديمي التونسي الحبيب الجنحاني، الذي غادر عالمنا صباح اليوم الأحد، بين الفكر والتاريخ، وهو الذي وضع عدداً كبيراً من المؤلّفات التي اهتمّ فيها بـ التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات العربية والإسلامية، وبقضايا الحداثة والعولمة والحرّية والتحوّل الديمقراطي، إلى جانب اهتمام خاصّ بـ التراث العربي.
وُلد الجنحاني في مثل هذا الشهر من عام 1934 بمدينة قليبية في ولاية نابل؛ حيث درس المرحلة الابتدائية، قبل أن ينتقل إلى تونس العاصمة ليواصل الدراسة في "جامع الزيتونة" و"المدرسة الخلدونية"، ويحصل على "شهادة التحصيل" عام 1955.
ستكون العاصمة الفرنسية محطّتَه المقبلة؛ حيث تابع تعليمه العالي في تخصّص فنّ المكتبات والوثائق بين سنتَي 1956 و1957، وبعدها ألمانيا؛ حيث درس في "جامعة لايبتزغ" بين 1957 و1965، والتي حصل منها على دكتوراه في تخصّص التاريخ الاقتصادي والاجتماعي ثمّ على إجازة في الصحافة، قبل أن يعود إلى تونس مدرّساً في تخصّص تاريخ المغرب العربي الوسيط بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة التونسية. وخلال تلك الفترة، عمل أستاذاً زائراً في عدد من الجامعات العربية والأجنبية.
انتمى الحبيب الجنحاني إلى "الحزب الاشتراكي الدستوري" الحاكم في تونس، والتحق بوزارة الثقافة التي أسندت إليه إدارة دائرة الآداب ورئاسة تحرير مجلّة "الحياة الثقافية" عام 1978، كما أسهم، مع توفيق بكار وصالح القرمادي وعبد القادر الزغل وغيرهم، في تأسيس النقابة الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التابعة لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل" سنة 1971، إلى جانب عددٍ من الهيئات الثقافية التونسية والعربية؛ مثل "اتحاد الكتّاب التونسيّين" و"الجمعية التونسية للتاريخ والآثار" و"اتحاد المؤرّخين العرب".
من مؤلّفاته: "المقّري صاحب نفح الطيب: دراسة تحليلية" (1955)، و"القيروان عبر عصور ازدهار الحضارة الإسلامية" (1968)، و"محمد باش حانبه: رائد الحركة الوطنية التونسية" (1976)، و"من قضايا الفكر" (1976)، و"المغرب الإسلامي: الحياة الاقتصادية والاجتماعية" (1978)، و"دراسات مغربية في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي" (1980)، و"التحوّل الاقتصادي في مجتمع صدر الإسلام" (1985)، و"دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمغرب الإسلامي" (1986)، و"دراسات في الفكر العربي الحديث" (1990)، و"العولمة والفكر العربي المعاصر" (2002)، و"المجتمع العربي الإسلامي: الأسس الاقتصادية والاجتماعية" (2005)، و"المجتمع المدني والتحوّل الديمقراطي في الوطن العربي" (2005)، و"دراسات في الفكر والسياسة" (2006)، والحداثة والحرّية" (2007).
وثّق الجنحاني جوانب من سيرته الذاتية في كتاب بعنوان "سيرة ذاتية فكرية" (2008)، تناول فيه محطّات من حياته، مع إطلالات على محطّات أُخرى من تاريخ تونس وقضايا تشغل الثقافة العربية، وكان ممّا ورد فيه اعترافه بأنّه ينتمي إلى "فئة من المثقّفين العرب ضحّت بالحرّية في سبيل التخلّص من التبعية إلى الخارج وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، فتبيّن فيما بعد أنّنا دفعنا ثمناً باهظاً مقابل إهمال قضية الحرّيات ودون أن نحقّق التنمية المستقلّة".
يتساءل الجنحاني في الكتاب عن كيفية "التكفير عن الذنب"، ثمّ سرعان ما يُجيب: "بمواصلة الدفاع عن الحرّيات إلى آخر رمق".