ما يشغل في كل ذلك هو مآثر هؤلاء، إلى أي ضفة تنتمي؟ فأنت ترى أن كتبهم تنشر في فرنسا في طبعات شعبية واسعة التوزيع ويعاد طبعها من حين إلى آخر، وترى أعمالهم حاضرة كمرجعيات في البحوث الأكاديمية في الجامعات الأوروبية، وفي مقابل ذلك تجد عندنا جهوداً متعثّرة في استعادة ما كتبوا عن طريق الترجمة أو حتى بالإحالة.
أتساءل كيف كان يجيب عبد الملك عن سؤال: ماذا نفعل حين يكون التفكير غير متاح في لغتنا بالطاقة التي نريدها، وتأتي لغة أخرى فتعرض مرونتها وحيويتها وثراء معجمها علينا؟ أعتقد أنه كان يرى أن التفكير يكون بالضرورة مع العالم بأسره، مع آخر صيحاته الفكرية وأحدث مفرداتها.
يشغلني أيضاً مقاله العلمي "الاستشراق في أزمة" الذي سبق كتاب إدوارد سعيد الشهير، وظل دوره الرائد في تفكيك الاستشراق في الظل، وإن اعترف سعيد نفسه بارتكازه على بحث عبد الملك. ربما، قياساً على قوله "الاستشراق في أزمة" (الاستشراق باعتباره علاقة الآخر بنا) علينا أن نقول إن علاقتنا بأنفسنا في أزمة.