تقيم مدينة نيويورك، ابتداءً من اليوم، احتفالية بالكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960) صاحب رواية "الغريب" احتفاء بالذكرى الستين لزيارته للمدينة نهاية آذار/ مارس عام 1946، حين دعاه الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس الذي كان يشغل آنذاك منصب المستشار الثقافي في السفارة الفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية.
ألقى كامو خلال زيارته محاضرة في مسرح جامعة كولومبيا كانت حدثاً استثنائياً، إذ حضرها أكثر من 1200 شخص ازدحم بهم المسرح الذي لا يستطيع تحمّل أكثر من 600 شخص.
كانت تلك هي الزيارة الوحيدة واليتيمة التي قام بها كامو إلى الولايات المتحدة الأميركية رغم أنه كان يعشق كتّابها وشعراءها في تلك الفترة، خصوصاً وليم فوكنر الذي أثر كثيراً على كتاباته. تزامنت تلك الزيارة أيضاً مع صدور أول ترجمة أميركية لرواية "الغريب" وسرعان ما لاقت نجاحاً كبيراً في أوساط المثقفين والكتّاب والقراء الأميركيين، عاماً واحداً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
بعد تلك الزيارة، كتب كامو مقالاً في مجلة "فورم إي كولور" الفرنسية عبّر فيه عن انبهاره بنيويورك وحياتها الليلية المضيئة ومشاعره المتناقضة إزاء أميركا بسبب العنصرية المتفشية ضدّ السود. كتب حينها: "لقد أحببت نيويورك. إنه حب قويّ ولكن لا يقين فيه لأن الحضارة الأميركية مخترقة بالتناقضات".
كان كامو اسماً مشهوراً، خصوصاً في أوساط اليسار الأميركي الذي كان يفضّله على جان بول سارتر. وأيضاً كانت الناشطة الأفريقية الأميركية أنجيلا دايفز تستشهد به كثيراً في مقالاتها، وكان للكتاب الفرنسي حظوة قوية لدى مثقفين أميركيين معروفين مثل تشارلز بوكوفسكي وجيم هاريسون ودان فانتي.
الاحتفالية التي تحمل عنوان "غريب في المدينة" وتستمر حتى 19 نيسان/ أبريل المقبل، تشتمل على سلسلة من المحاضرات حول أعمال كامو. وسيقوم الممثل الأميركي فيغو مورتنسن بعرض مسرحية بعنوان "بعيداً عن الإنسان" مستوحاة من نص لكامو بعنوان "أزمة الإنسان" الذي انتقد فيه الحضارة الغربية التي أنجبت الفاشية والنازية، واعتبر فيه أن اللوم ليس فقط على هتلر بل على الثقافة الغربية التي تساهلت مع الأفكار النازية والعنصرية.
كما ستتلو المغنية الأميركية باتي سميث مقاطع مختارة من نصوص صاحب "الإنسان المتمرد". وينظّم الكاتب الأميركي روبرت زاديسكي لقاء مفتوحاً مع الصحافي الثقافي آدم غوبنيك من مجلة "نيويوركر" الأدبية حول "راهنية أفكار كامو وتأثيرها في الأدب الأميركي". كما تُعرض ثلاثة أفلام وثائقية تتناول سيرة كامو ومنجزه الأدبي والفكري.