اختار الكاتب المغربي أحمد الفطناسي أن يقدّم كتابه "المدرّس والمسرح: تطبيقات وتمارين مسرحية خاصة بالمدرّس"، بمقولة لـ بيتر بروك "إذا كان المسرح هو الحياة، فإن تعلّم المسرح سيتحوّل لا محالة إلى تعلّم للحياة". وإذا كانت الدول تعتمد على المدرّس لإيصال رؤى ومعاني وأفكار التوجهات العامة إلى جمهور المتمدرسين، وبالتالي إلى شعوبها، فإنه من الجدير توفير أدوات ناجعة لهذه الممارسة.
من هنا، يأتي الفطناسي بمقاربة تجعل من الدرس "نصاً جديداً" "مستوحى من التوجّهات العامة، مثلما أن المسرحية المؤدّاة تمثّل نصاً جديداً على النص المسرحي الذي وضعه المؤلف كتابة. هو نص يعتمد "التمثيل" فيُكتب عن طريق الحركة والجسد، ويستعين فيه المؤدّي بطاقته التشخيصية الذاتية وذكائه الفردي الخاص، وعبقريته الحدسية في توليد الحركات الإبداعية المناسبة لإيصال المعرفة.
صدر كتاب "المدرّس والمسرح" مؤخراً ضمن سلسلة إصدارات لـ"الهيئة العربية للمسرح" أعدّتها بمناسبة الدورة العاشرة من "مهرجان المسرح العربي" الذي انطلقت فعالياته أول أمس في تونس، وفيه يعطي المؤلف للدرس شكلاً ممسرحاً ويوكل للمدرّس نفس عمل الممثل "لأنه يكتب بجسده في الفضاء، فضاء قاعة الدرس كما يفعل المؤلف بقلمه على صفحة بيضاء، فكأن أي حركة يقوم بها المدرّس تحمل معنى ما، بقصد أو بدونه. وحركة المدرس "الفنان" ذات أهمية أكثر مما ينطق به".
يلاحظ الفطناسي أنه وعلى خلاف الممثل الذي يكون "على بيّنة من استخدامه للغة المسرحية، فإن المدرّس على العكس من ذلك، يجهل أنه يتكلم هذه اللغة لأنه لا يعي جواباً لسؤال: هل التدريس فن من فنون الخشبة؟ ولأن جلّ، إن لم نقل كل المدرّسين، لم يخطر ببالهم قط طرح هذا السؤال على أنفسهم: هل المدرّس ممثل؟".
يتضمّن الكتاب تمهيداً نظرياً، بالإضافة إلى مجموعة تطبيقات وتمارين (50 بطاقة)، كما يتناول مسائل تدريس المسرح المدرسي والذي يعتبر بأن "بإمكانه أن يسهم في بناء شخصية المتعلِّم وجعله قادراً على التعبير والتأطير والمبادرة. ومن هنا تنبع أهمية تعليم المدرّس وإكسابه وتلقينه مبادئ المسرح، سواء كمعرفة أو كممارسة".
من هنا، يعتبر الكاتب المغربي أن الرؤية التي يقدّمها تساعد في إزالة "الأقنعة التي تحكّمت في علاقة المدرّسين بالتلاميذ"، كما تساهم في "مراجعة منظوماتنا التربوية العربية كي تتلاءم وأهداف ما تسعى إليه أية مبادرة وأية إستراتيجية لترسيخ ثقافة المسرح داخل المدرسة".