على خلاف المدوّنة الأدبية، ومنها روايات نجيب محفوظ الأولى، أو الموسيقية، وخصوصاً تجربة سيّد درويش، بقيت ثورة 1919 المصرية على هامش كل تناول فكري، سواء في الفترة القريبة منها حيث كانت اهتمامات المثقفين بعيدة عن دراسة الظواهر السياسية التي يعايشونها، وصولاً إلى عقود لاحقة ظهرت فيها محطات تاريخية أخرى وكأنها طمست ملامح تلك الثورة، ومنها ثورة الضباط الأحرار في بداية الخمسينيات أو "العبور" في بداية السبعينيات من القرن الماضي.
لعلّ بلوغ تلك الثورة الشعبية ضد المستعمر البريطاني المئة عام قد أعادها بعض الشيء إلى دائرة الاعتناء الفكري، ومن ذلك أن المؤتمر الفلسفي الذي تنظمه سنوياً "الجمعية الفلسفية" في جامعة القاهرة، قد اختار "العقل والثورة" موضوعاً له، وإن كانت معظم المحاضرات تتناول الثورة في مفهومها الشامل وليس ثورة 1919 تحديداً.
يُقام المؤتمر على ثلاثة أيام، حيث يفتتح غداً السبت بداية من العاشرة صباحاً بمحاضرة افتتاحية يلقيها المفكر المصري حسن حنفي، وتحمل عنوان "العقل والثورة، يختلفان أن يتفقان؟"، لتبدأ بعدها الجلسات العلمية بمشاركة باحثين من مصر والجزائر والسودان.
من الورقات التي سيجري تقديمها في اليوم الأول: "العقل والنقل" لـ نجيبة المسلمي، و"العقل الإبداعي ودوره في الإبداع الجمالي"، و"الممكن والتجاوز والرمز" وهي محاضرة مشتكرة بين محمد سيد حسن وآمال محمد ربيع.
أما في اليوم الثاني، فتقدّم عزيزة بدر ورقة بعنوان "الثورة والتحول الثقافي"، ويتحدّث مظهر الشوبرجي عن "الأفكار الفلسفية كقوى دافعة للتحولات الثورية"، وعمر الزاوي عن "ثورة العقل والعلم في الفلسفة المعاصرة"، وحسن البنهاوي عن "العلاقة الجدلية بين الثورات العلمية والثورات الاجتماعية"، فيما يتناول محمد الصالحين "عبد الله النديم والثقافة العامة للثورة".
يُختتم المؤتمر يوم الإثنين المقبل، ومن أبرز محاضراته ورقة تقرؤها الباحثة المصرية يمنى طريف الخولي وتحمل عنوان "الأصول الفلسفية للعقل والثورة".