"مشهدية تطاوين": تاريخ الصحراء التونسية

15 اغسطس 2019
(من عروض "مشهدية تطاوين")
+ الخط -

شكّلت الصحراء مادة خصبة للتخييل سواء في التراث المغاربي أو في آدابه وفنون المعاصرة، حيث تحضر كفضاء مشبع بالميثولوجيا في روايات الكاتب الليبي محمد الكوني، وكذلك الصراع بين أبنائها كما في أعمال أحدث كما في "بوح الذاكرة" للروائية المغربية بتول المحجوب، و"مراهق في الصحراء" للروائي الجزائري حسان الجيلاني.

تونسياً، برزت في العديد من الروايات بدءاً من قصص البشير خريف مروراً بأعمال محمد الباردي وإبراهيم الدرغوثي وآخرين، وكذلك حضرت في بعض العروض المسرحية والموسيقية التي تحاكي ثيمات صحراوية، وخصّصت لها تظاهرات مثل "مهرجان للموسيقى الإلكترونية" في مدينة نفطة، لكن معظمها تنزع نحو استعراضها كفولكلور.

من ذلك، يُعرض مساء السبت المقبل، السابع عشر من الشهر الجاري، ضمن فعاليات الدورة الخامسة والخمسين من "مهرجان شرفة السماء" في مدينة سيون السويسرية التي تتواصل حتى الأول من أيلول/ سبتمبر، "مشهدية تطاوين" للمخرج التونسي علي اليحياوي.

العرض الذي ينتجه "المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية" في مدينة تطاوين (500 كلم جنوبي تونس العاصمة)، والذي يحمل اسمها، يتضمّن كتابة بالرمل عبر تقنية فن الفيديو التي يقدّمها الفنان عبد الله شبلي، بمشاركة الفنانيْن التشكيليين الحبيب الغرابي وأيمن السريتي.

تمزج المشهدية بين الموسيقى والمسرح والتشكيل، وبين التراث التونسي والفنون المعاصرة، في محاكاة لمشاهد الصحراء عبر استخدام الضوء في لوحات تعكس تاريخ المكان الذي تعود أقدم رسوم على جداريات كهوفه إلى الألف الخامس قبل الميلاد، ثم تتالت عليه الحضارات الرومانية والأمازيغية ثم العربية الإسلامية، ما يعبّر عنها تنوّعه الديمغرافي.

كما عاشت تطاوين كمنطقة حدودية متنازع عليها بين نفوذ الإمبراطورية الرومانية وبين ومجال القبائل الأمازيغية المستقلة في أطراف الصحراء ولذلك أنشأ الرومان عدة منشآت ذات صبغة دفاعية مثل الحصون كحصن تلالت، وحصن رمادة، وفي نفس الوقت أنشؤوا السواقي والسدود التي ما تزال آثارها إلى اليوم.

ومع دخول العرب إلى شمال أفريقيا في القرن السابع الميلادي، أسّسوا القصور الجبلية ثم القصور السهلية وهي عبارة عن معاقل للاحتماء والتحصن في بداية أمرها ثم تحولت إلى أماكن للحفظ والتخزين.

المساهمون