تمثل الشاعرة الأوروغوانية إيدا فيتالي (1923) أحد رموز الحداثة في بلادها، عبر أسلوبها الخاص الذي طبع تجربتها بشكل استثائي يجمع بين مراجعها الفلسفية والفكرية المتعددة وبين لغة سهلة استطاعت أن تصل إلى جمهور واسع في بلادها وفي أميركا اللاتينية عموماً.
إلى جانب ذلك، احتفظت بمكانة رمزية في تاريخ بلادها، فهي آخر شخصية لا تزال على قيد الحياة من شخصيات الحركة الفنية المعروفة باسم "جيل 45"، في المكسيك التي هاجرت إليها إثر انقلاب عسكري في الأوروغواي عام 1974، وعاشت في المنفى تطالب بالعدالة والديمقراطية التي جاءت مؤخراً، لكن في لحظة لم يعد بإمكانها الرجوع إلى الماضي؛ فغادرت وطنها مرة أخرى بعد عودتها إليه وإقامتها فيه أقل من عامين.
يقيم "معهد ثربانتيس" في الرباط عند الرابعة من مساء غدٍ الإثنين لقاء مع فيتالي لإشهار النسخة العربية لأعمالها الشعرية، ضمن مبادرة أطلقها المعهد تهدف إلى نشر أعمال الشعراء الحاصلين "جائزة ثربانتيس" في البلدان العربية، بترجمة مجموعة من المترجمين المغاربة الشباب.
وكانت فيتالي قد نالت الجائزة في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، تقديراً لشعرها وأعمالها النقدية وترجماتها، كما ورد في بيان لجنة التحكيم التي رأت أن لغتها الشعرية التي "تُعتَبر واحدة من أكثر اللغات شهرةً في الشعر المكتوب بالإسبانية، وهي في الوقت ذاته لغة مثقّفة من نوع السهل الممتنع، ذاتية وكونية، تتميّز بالشفافية والعمق".
تقول في قصيدة "قصيدة/ فراشة": في منتصف الفضاءِ كانت القصيدة/ رقيقة، غامضة،/ وغامضٌ كذلك/ كان وصول الفراشة الليلية/ لا هي فاتنة ولا منذرة بسوء/ ضائعة بين صفحات الأوراق المطوية/ وتبدّدَ معها/ شريطُ الكلمات المحلول المهلهل/ هل سيرجع أي منهما يوماً؟/ ربما أحياناً خلال الليل/ حين لا أعود راغباً في كتابة/ أي شيء منذر بالسوء/ أكثر مما تنذر فراشة مختبئة/ تفادياً للضوء/ كما تفعل كلّ الأفراح.
يُذكر أن أول عملٍ أصدرته إيدا فيتالي كان مجموعة قصائد بعنوان "نورُ هذه الذاكرة" عام 1949، ثم أعقبتها منشورات نثرية وترجمات كثيرة من الإنكليزية والإيطالية والألمانية التي تتقنها، كما نشرت عام 1994 كتاباً طريفاً بعنوان "معجم الأنسباء" أوردت فيه، حسب التسلسل الأبجدي، المفردات الأثيرة لديها، وما تعلّْمته من الشعراء الذين كانت تثابر وتدمن على قراءتهم.