لعنة ابن خلدون

08 مارس 2015
في تونس العاصمة (تصوير: أمين الأندلسي)
+ الخط -

كتب ابن خلدون في مقدمته "إن الظلم مؤذن بخراب العمران". يتحدّث عن ظلم السلطان للناس، وهو ما عاشه الإنسان العربي من عصر إلى آخر فانتقل من مظلمة إلى أخرى، داخلية وخارجية. ولكن ظلماً آخر حلّ به في العقود الأخيرة وهو ظلم العمران أيضاً.

ابن خلدون من مواليد مدينة تونس، وكأن قاعدته تلك التي يقيّم بها أحوال الأمم قد تحوّلت إلى لعنة مركّبة أسقطها الزمن على مسقط رأسه.

فها هي تونس العاصمة اليوم تبدو كمتاهة، متداخلةَ الأنهج والشوارع، يحكمها الزحام والبطء، والفراغات.

إنها متاهة مكتظة بالناس ووسائل النقل، وبالتالي يقل فيها النظام والانضباط وتفقد الجماعة فيها شهية الحركة المثمرة.

إننا لو تركنا جانباً رؤية هذه المدينة من منطلقات علوم تخطيط المدن والمعمار، سنجد أنها قد ابتليت هي الأخرى بالهاجس الأمني (ظلم السلطان في صيغته الوقائية).

في معرض دعوة أطلقها لبناء عاصمة جديدة للبلاد، تطرق الصحافي التونسي الصافي سعيد، لهذا الأمر قائلاً: "تونس عبارة عن مجموعة مربعات أمنية، بنيت على قاعدة فرّق تسد، أي أن أحياءها ومناطقها وزعت في فضائها لكي تكون مهيأة للمراقبة"، وبذلك تكون مدينة يسهل أن تسيطر على متساكنيها السلطة، مختزلة في السلطة التنفيذية.

إن ابن خلدون لم يعش في تونس كهذه، ولذلك لم يقل "إن الخراب نتيجة لظلم العمران".

المساهمون