أعداء في المتحف

02 يونيو 2016
("متحف آيا صوفيا" من الداخل)
+ الخط -

في الذكرى السنوية لسقوط القسطنطينية بيد العثمانيين، تجمّع آلاف الأتراك بدعوة من "جمعية شباب الأناضول" الإسلاموية للمطالبة بالصلاة داخل المتحف والمعلم الأثري "آيا صوفيا".

كما هو معروف، كان المعلم المذكور في البداية كاتدرائية الأباطرة البيزنطيين قبل أن يحوّله العثمانيون إلى مسجد ثم يحوّله أتاتورك من بعدهم إلى متحف في ثلاثينات القرن الماضي.

من البديهي أن المتحف لا يهم الإسلامويين لأنه كان مسجداً، بل لأنه كان كاتدرائية الأباطرة المسيحيين، ولأن الصلاة والتكبير فيه إحياءٌ للانتصار عليهم وتدنيس لذكراهم.

ثمة تباين جذري ومعبّر يظهر في علاقة كل من أحفاد الفاتحين المسلمين والمسيحيين بماضيهما القروسطي، وإصرار الأوائل على استعمال تعبير "فتح" بدلاً من "غزو"، هو بحد ذاته ذو دلالة.

في الغرب، اعتذر مفكرو الأنوار باكراً عن الحروب الصليبية، وليس من محض الصدفة أنهم فعلوا هذا في عزّ "الفتوحات" الاستعمارية المدعومة بمبررات حداثية.

في المقابل، يريد الإسلامويون الأتراك اليوم نبش قبور الأباطرة البيزنطيين ورفع التكبير في كاتدرائيتهم بعد أن صارت متحفاً.

ثمة أمر معبّر بقدر ما هو مضحك في هذا الحنين المهزوم والحانق إلى ماضٍ منتصر، في هذه الحاجة التهويمية إلى إحياء الانتصار على أعداء لم يبق لهم أثر إلا في المتاحف.

المساهمون