"الوباء في عالم القرون الوسطى: إعادة التفكير في الموت الأسود" عنوان الكتاب الصادر مؤخراً ضمن منشورات "جامعة أمستردام" الهولندية، للباحثة مونيكا غرين. والذي تعود فيه إلى فترة انتشار مرض الطاعون الأسود الذي يعدّ أحد أشد الأوبئة فتكاً في التاريخ.
انتشر الطاعون على مساحة جغرافية كبيرة امتدت بين آسيا وشمال أفريقيا وجميع أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط في القرن الرابع عشر وقتل ما بين 40 % إلى 60 % من الناس الذين كانوا يعيشون في تلك المناطق.
يتناول الكتاب كيف أدت الخسائر السكانية بعد ذلك إلى تغييرات اقتصادية وسياسية واجتماعية هيكلية، وهذه مسألة تناولتها دراسات سابقة أخرى، ولكن الكتاب يبحث في أسباب وكيفية حدوث الوباء في المقام الأول، ومتى وأين وكيف استمر، ما هو مداه الجغرافي الكامل ومتى انتهى حقاً.
يعدّ الكتاب أوّل عمل يجمع بين الأدلة القديمة وأساليب البحث الجديدة التي تقدم إجابات جديدة بدورها على هذه الأسئلة الحاسمة. في عام 2011 فقط، وبفضل الحمض النووي القديم الذي تم استرداده من بقايا تم اكتشافها في مقبرة "إيست سميثفيلد" في لندن تم تحديد الجينوم الكامل لمسببات الطاعون.
ربما نشأ الطاعون منذ 3000-4000 سنة وتسبب في ثلاثة أوبئة في التاريخ المسجل: وباء الطاعون الجستيني (أو الأول) ويعود تاريخه إلى 541-750 ميلادية؛ ثم الموت الأسود (جائحة الطاعون الثاني) الذي يعود تاريخه إلى أربعينيات القرن الرابع عشر وقد انتشر في أوروبا وقتل ثلث سكانها؛ ووباء الطاعون الثالث ويعود تاريخه عادة إلى حوالي عام 1894 حتى ثلاثينيات القرن العشرين.
يجمع هذا الكتاب بين دراسات أجراها علماء في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبية لمعالجة مسألة كيف يمكن الحديث في علم الوراثة وعلم الحيوان وعلم الأوبئة أن يمكّن من إعادة التفكير في الانتشار العالمي للموت الأسود وأهميته التاريخية الأكبر.