مفكرة المترجم: مع عماد الأحمد

17 يوليو 2019
(عماد الأحمد)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم.


■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
درست الأدب الإنكليزي في "كلية الآداب" في حمص، وبدأت الترجمة بنصوص قصيرة شعرية وروائية، دون أن أحترف العمل بها، من خلال تقديم اقتراحات أو بدائل معاصرة للترجمات القديمة لشكسبير ومارلو وغيرهما من الكتّاب المعروفين.


■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
آخر ما صدر من ترجماتي "الأعمال الشعرية الكاملة: جورج أورويل" عن "دار المدى"، ورواية "دمشقي" للكاتبة الفلسطينية سعاد العامري عن "منشورات المتوسط". أعمل هذه الأيام على كتاب فكري سياسي لكاتب بلجيكي يتحدث عن تحوّل العالم إلى النزعة القبلية بديلاً للعولمة التي سادت العقود الأخيرة.


■ ما هي برأيك أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
عدم القدرة على التفرّغ للترجمة وإعطائها حقّها، والاضطرار للعمل في عدة مجالات بعيدة عن الترجمة الأدبية لكسب العيش. وفي الحقيقة، هناك أسباب كثيرة يدخل ذكرها في باب الشكوى التي لا يستمع إليها أحد.


■ هناك قول بأنّ المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
الموضوع شخصي على ما أعتقد، أي إنه متعلق بالشخص الذي سيحرر أولاً وبالشروط التي قد تضعها دار النشر، مع العلم أن القراءة الثانية على الأقل أمر ضروري ولا مفرّ منه ويجب أن يقبل به الجميع، إلى حين تبنّي دور النشر سياسة توظيف محرر أدبي متخصّص يحمل على كاهله بعضاً من هذه المسؤولية.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
الناشر على الدوام هو الذي يكلّف بالترجمة وينحصر دوري غالباً في إبداء الرأي بكتاب ما أو اقتراح عنوان ما.


■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادّة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
بالطبع لديّ انحيازاتي السياسية التي لا أساوم عليها على الإطلاق، لكن الجزء الذي لا يتجزأ من الانحياز السياسي، في رأيي الشخصي على الأقل، يقوم على ترجمة ما تختلف معه وخصوصاً إذاً كان جهداً معرفياً محترماً.


■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟
من حسن حظي أنني قد ترجمت وحررت لعدة أسماء محترمة لا تزال على قيد الحياة، وهي تجربة هامّة للغاية ومفيدة للمترجم وللكاتب برأيي. أما العلاقة الجديدة أو العِشْرَة التي تتكوّن مع الكتّاب الذين فارقوا الحياة، فهي من أثمن ما قد يحصل عليه الإنسان، وهي من الأشياء التي تجعلني أستمر بهذه المهنة المضنية.


■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
هذه نقطة حساسة للغاية نكره الاعتراف بها كمترجمين، تقوم على الصراع الداخلي والحدود الفاصلة بين إضفاء أسلوبك الخاص على النص أو الاكتفاء بما وضعه الكاتب ونقله بحياد جمالي إذا صح التعبير. التصرّف بالطبع مسألة حساسة للغاية لكنها أقرب للملح في الطعام.


■ كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
لا أعرف الكثير عن جوائز الترجمة ولم أحصل على أي منها.


■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
أنا مع الرأي القائل بأن الترجمة، من واقع خبرتي العملية، مشروع ناشرين أفراد، لا مترجمين أفراد. أما الترجمة المؤسساتية فهناك تجربة مصرية ضخمة رفدت أجيالاً كثيرة بالمعرفة، وهناك التجارب الخليجية الحديثة نسبياً التي أدت خدمات للترجمة لكن ينقصها الانتشار الذي كانت تحظى به التجارب المؤسساتية المصرية (أو الكويتية) سابقاً.


■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معيّنة في الترجمة؟
لديّ خبرة عملية طويلة في شركات الترجمة، وهي برأيي خبرة هامّة للغاية تتعلق بكيفية الإنجاز وبالمواعيد النهائية وبأصول العمل الاحترافي، وبكيفية معالجة النصوص التي لا تستسيغها جمالياً. لا بد لكل مترجم أن يحظى بنصيبه منها كي لا يتحوّل الأمر إلى تجربة مزاجية. أما عاداتي فهي عادات سيئة كعادات كل المترجمين: ساعات طويلة على الحاسوب، ذهن شارد، الكثير من القهوة والسجائر، والقليل القليل من الرياضة عسى الله أن يخلصني وإياكم من هذه الشرور اللذيذة.


■ كتاب أو نصّ ندمت على ترجمته ولماذا؟
لستُ نادماً على أيّ نص ترجمته ببساطة.


■ ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟
هناك دائماً ذلك الحلم القديم للخليفة العباسي المأمون، حيث تتحول الدولة إلى آلة ترجمة في سبيل تطوير أفكار ومهارات أبنائها وهو ما لن يحدث قريباً. لذلك أحلم أن أتوقف عن الترجمة لأقرأ أكثر، وهو حلم آخر لا أعتقد أنه سيتحقق قريباً.


بطاقة
عماد الأحمد، مترجم وكاتب وباحث سوري من مواليد حمص عام 1984. حاصل على ليسانس أدب إنكليزي، وماجستير في دراسات الشرق الأوسط من "كلية الاقتصاد والعلاقات الدولية" في ميلانو الإيطالية. من ترجماته: "هل يستطيع غير الأوروبي التفكير" لـ حميد دباشي (المتوسط، 2015)، و"المينوتور العالمي" لـ يانيس فاروفاكيس، (المتوسط، 2015)، و"الأعمال الشعرية الكاملة لـ جورج أورويل" (دار المدى، 2019).

المساهمون