نسيم فارسي

24 سبتمبر 2014
من معرض "دروب وأمطار" لعباس كياروستامي
+ الخط -

أكثر من سبب للشعور بالأسف بعد مشاهدة فيلم إيراني (لبهمن غوبادي مثلاً). أسف من طبقات وأساسات غائرة. أسف من جميع الجهات تقريباً.

على المستوى الفنّي، نشعر بما هو أبعد من الإعجاب بسينما تمسّ أعماقنا مثل نُسيمات تداعب جراح الهوية والتاريخ (جراحٌ لم تُفهم ولم تُشف). في حين يمرّ المشهد الأعرض من السينما العربية مسافراً إلى جمهور أجنبي في مهرجانات بعيدة. وعلى المستوى الحضاري، لا بدّ أن يمسّنا الأسف لهذا الاختزال المفزع للعلاقة التاريخية بين منطقتنا وإيران، ولهذه الفجوة السحيقة التي تبتلع أزمنة ذهبية جمعت الأُمتين حضارياً.

مؤسف هذا البتر في العلاقة الثقافية التي صار عليها أن تمر عبر وسيط أنغلوفوني يقدّم لنا ثقافة إيران وفنونها أو يقدّمنا لها. مؤسف أننا نرطن بمعظم لغات أوروبا ولا نكاد نعثر على مترجم أو قارئ أو حتى متحدّث بالفارسية بيننا. مؤسفة هذه القطيعة مع الثقافة الإيرانية المعاصرة.

مؤسف أن يُختزل كل هذا التاريخ في علاقة استتباع طائفي تدعم المقاومة حيناً والاستبداد حيناً، أو إلى دعاية أنظمة موتورة في الطرف الآخر تختصر هذه القربى بخطر طائفي مزعوم.

في العراق الملكي فصل مفتّش تربوي اسمه ساطع الحصري الشاب محمد مهدي الجواهري لقصيدة استشف منها المفتّش أن الجواهري فارسي الهوى، يقول في مطلعها: "هي فارسٌ وهواؤها ريح الصبا/ وسماؤها الأغصان والأوراقُ"

كم هي جارحة هذه الريح الآن أيتها الجمهورية الإسلامية.

دلالات
المساهمون