اشتغل المفكّر المغربي محمد عزيز الحبابي (1922 – 1993) ضمن ميادين عديدة كالفلسفة والأدب والسياسة، غير أن إسهامه الفكري كان بالأساس من مدرسة الشخصانية الذي يُعدّ أهم من أدخل مفاهيمها إلى اللسان العربي.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخّراً كتاب جماعي بعنوان "محمد عزيز الحبابي: الشخصانية والغدية". يعني المفكّر المغربي بمفهوم الشخصية انتقال الفرد من "الكائن" إلى "الشخص، وبالغدية معالجة للنشاط الإنساني في بيئة معيّنة لاستخلاص عناصر تهمّ الإنسانية جمعاء.
شارك في هذا العمل الذي أشرف عليه وقدّمه المفكر المغربي كمال عبد اللطيف ستّة باحثين هم: عبد الرزاق الداوي ومحمد الشيخ وعبد السلام بنعبد العالي ومحمد المصباحي وفتحي المسكيني ومحمد مصطفى القباج.
يتناول الفصل الأول الحبابي من زاوية سيرته الذاتية، حيث يرتكز عبد الرزاق الداوي خصوصاً على رواية أصدرها الحبابي سنة 1967، مقتفياً أثر ما هو فلسفي داخلها، كما يتطرّق إلى دوره في تأسيس الجامعة المغربية.
الفصل الثاني يبدو أكثر الفصول محورية، إذ يتناول محمد الشيخ الجانب المفهومي في مسيرة الحبابي؛ حيث يدرس مصطلحي الشخصانية والغدية، واضعاً إياهما في سياقات الإشكاليات التي طُرح ضمنها هذان المفهومان وعلى رأسها مفهوم الحداثة.
يتضمّن الفصل الثالث، "الغدية هي الأصل: في النسق الفلسفي لمحمد عزيز الحبابي"، لمصطفى القباج تحليل فرضية مفادها أنّ الغدية هي النواة المركزية في النسق الفلسفي عند الحبابي، وليس الشخصانية، ويدعم هذه المقاربة من خلال الانفتاح على الحياة الاجتماعية للحبابي من خلال تبيان هاجس الغدية في ذلك.
يركّز محمد المصباحي في الفصل الرابع على مفهوم الشخصانية، والذي يربطه بفكرة "الأفق" في أعمال الحبابي، كما يُظهر هذا الفصل كيفية بناء المفكّر المغربي لمفاهيمه وتصوّراته.
الفصل الخامس كتبه فتحي المسكيني، وحمل عنوان "المساواة الشخصانية بين الرجل والمرأة عند الحبابي"، وقدّم من خلاله تصوُّر الحبابي للمساواة، متوقّفًا أمام القضايا التي أثارها حين اشتغل على الشخصانية الإسلامية.
في آخر فصول الكتاب، يقدّم عبد السلام بنعبد العالي في دراسته "الشخصانية الإسلامية فلسفة أم علم كلام؟" قراءةً تركيبيةً في شخصانية الحبابي، محاولاً استكشاف بعض أبعاد هذا الإنتاج في سياق الفكر الإسلامي المعاصر.
اقرأ أيضاً: محمد عزيز لحبابي: قلق بين ثقافتين